رغم المستويات المرتفعة حاليًا للفائدة مقارنة بسنوات الركود الماضية، إلا أن شبح العودة إلى عصر "الفائدة الصفرية" لا يزال حاضرًا في الأفق الأميركي، وفقًا لدراسة مشتركة صادرة عن فرعي الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وسان فرانسيسكو. الورقة، التي شارك في إعدادها رئيس فيدرالي نيويورك جون ويليامز، تحذر من أن الغموض الاقتصادي ما زال يسيطر، ما يجعل عودة الفائدة الصفرية خيارًا محتملًا في أي لحظة.
دروس الأزمات: الفائدة الصفرية ليست من الماضي
تُذكّر الدراسة بأن البنك المركزي الأميركي اضطر للعودة إلى الفائدة الصفرية مرتين خلال الخمسة عشر عامًا الأخيرة:
الأولى: بين 2008 و2015 بعد الأزمة المالية العالمية.
الثانية: مع أزمة كوفيد-19 في مارس 2020، قبل أن يبدأ الفيدرالي لاحقًا رفع الفائدة بقوة كرد فعل على التضخم.
اليوم، ورغم أن معدلات الفائدة تتراوح بين 4.25% و4.5%، إلا أن احتمالية الهبوط مجددًا للصفر "مرتفعة على المدى المتوسط إلى الطويل" بسبب تزايد حالات عدم اليقين، خاصة مع التحولات في التجارة العالمية والتغيرات الهيكلية في الاقتصاد.
مأزق السياسة النقدية: حدود الأدوات التقليدية
تحذر الورقة من أن العودة للفائدة الصفرية ستضع أدوات السياسة النقدية في مأزق، وتجبر الفيدرالي على استخدام وسائل غير تقليدية مثل برامج شراء الأصول والتدخلات المباشرة في السوق، وهو ما يؤدي لتضخم ميزانيته وتعقيد إدارة السيولة النقدية.
وتضيف أن "احتمال العودة للفائدة الصفرية ينخفض عندما ترتفع المعدلات المتوقعة للفائدة، لكنه يرتفع بشدة إذا زاد الغموض الاقتصادي أو تعرضت الأسواق لصدمات غير متوقعة."
السيناريو القادم: هل هناك "منطقة أمان"؟
رغم أن توقعات الفيدرالي تشير إلى خفض تدريجي للفائدة إلى 3.4% بحلول 2027، وزيادة ما يسمى بـ"المعدل الحيادي" للفائدة إلى 3% (وهو ما يمنح المركزي مرونة أكبر)، إلا أن الضغوط السياسية—خاصة من البيت الأبيض حيث يطالب ترمب بتيسير قوي—والمخاطر التجارية تجعل كل السيناريوهات مفتوحة على مفاجآت جديدة.
الخلاصة
تؤكد الورقة الفيدرالية أن العودة إلى عصر الفائدة الصفرية في الولايات المتحدة ليست احتمالًا بعيدًا، بل خيار قائم وسط غموض الاقتصاد العالمي وارتفاع مخاطر الركود أو الأزمات غير المتوقعة. الرسالة واضحة للمستثمرين وصناع السياسات: عصر الاستقرار الطويل انتهى… والحذر واليقظة يجب أن يكونا شعار المرحلة المقبلة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet