الرهان الذي خافه الكبار... الأفراد خاضوه وكسبوا أولى جولات السوق
في الوقت الذي سادت فيه الفوضى الأسواق الأميركية نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب، وانسحبت المؤسسات المالية الكبرى خوفًا من تداعيات تجارية ومالية غير محسوبة، فاجأ المستثمرون الأفراد الجميع بخطوة معاكسة: الشراء. لكن ما بدأ كمراهنة جريئة وسط اضطرابات سياسية واقتصادية، تحوّل إلى نصر واضح على المدى القصير.
الشراء وقت الذعر... والربح لاحقًا
تصاعد مشتريات المستثمرين الأفراد (الأعمدة الحمراء) أثناء التراجعات الحادة لمؤشر S&P 500 (الخط الأصفر) في أبريل، ثم التعافي القوي للسوق في مايو.
وفقًا لمنصة VandaTrack، قام المستثمرون الأفراد بضخ أكثر من 50 مليار دولار في الأسهم الأميركية بين 8 أبريل و15 مايو، بينما كانت المؤسسات تسحب الأموال من صناديق الأسهم والمؤشرات بوتيرة بلغت 74 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
المؤسسات في موقع الدفاع... والأفراد يحصدون المكاسب
استراتيجية "اشترِ القاع" التي تبنّاها المستثمر الفردي أثبتت نجاحها، إذ أظهرت بيانات منصة "Public" أن من اشترى بين 3 أبريل و9 مايو حقق عائدًا وسطيًا بلغ نحو 12% خلال الأسابيع التالية.
آيمي وو سيلفرمان، مديرة استراتيجية المشتقات في RBC، وصفت هذا الأداء بالقول:
"عليّ أن أصفق للأفراد... لقد اشتروا الانخفاض منذ البداية، بينما كانت المؤسسات تقلّص انكشافها بشكل كبير."
المفارقة تكمن في أن المؤسسات، رغم تفوّقها المالي والتحليلي، تُقيَّد بما يُعرف بـ"مخاطر الوظيفة" — أي وجوب التفوّق على مؤشر السوق بشكل فصلي وسنوي، ما يدفعها أحيانًا لاتخاذ قرارات دفاعية مفرطة.
منطق المدى الطويل: ميزة لا تملكها المؤسسات
براين ليفيت، استراتيجي الأسواق في Invesco، يرى أن المستثمر الفرد يملك "أفضلية الزمن"، ويقول:
"المستثمر الفرد يمكنه التفكير على مدى سنوات... بينما المؤسسات مرتبطة بتقييمات قصيرة الأجل."
ويضيف أن "أفضل أيام السوق غالبًا ما تأتي بعد أسوأها"، ما يعني أن من صبر أثناء الهبوط، غالبًا ما يحصد أفضل العوائد لاحقًا.
لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالمخاطر
رغم الفوز المبدئي، فإن محللة المشتقات آيمي سيلفرمان حذّرت من أن الأسواق لم تخرج بعد من دائرة الخطر. فالمهلة التي منحها البيت الأبيض قبل تطبيق بعض الرسوم تنتهي في يوليو المقبل، ما قد يشعل جولة جديدة من التوترات.
كما أن استمرار التصعيد مع الصين والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تهديدات ترمب المتكررة لشركات مثل Apple وSamsung، يترك الباب مفتوحًا لتقلبات حادة في الأسواق.
الخلاصة
في معركة غير متكافئة بين المال المؤسسي والمال الفردي، سجّل المستثمرون الأفراد انتصارًا مهمًا في الجولة الأولى من اضطرابات الرسوم الجمركية. فقد اشتروا عندما باع الجميع، وتمسّكوا بالسوق خلال لحظات الذعر، ليحصدوا عوائد مجزية بعد أسابيع فقط.
لكن في ظل جدول زمني مزدحم بالقرارات السياسية والاقتصادية، لا يزال الاختبار الحقيقي قادمًا — وستُختبر عنده قدرة هذه الفئة على الصمود، والتفكير بعيدًا عن ضجيج الأخبار.
📬 اشترك الآن في نشرة مركب لتصلك تحليلاتنا اليومية عن تحركات السوق، استراتيجيات المستثمرين — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet