في خضم تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، عاد ملف الرسوم الجمركية ليشغل الأسواق الأميركية مجددًا، بعد صدور أحكام قضائية متضاربة قلبت المشهد التجاري رأسًا على عقب. وبينما تراجعت معدلات الرسوم الفعلية بشكل لافت منذ بداية العام، أعادت المعركة القانونية بين إدارة ترمب والمحاكم الفيدرالية الغموض إلى طاولة الاقتصاد العالمي.
انخفاض تاريخي في معدلات الرسوم… هل تستمر الهدنة؟
تراجع المعدل الفعلي للرسوم الجمركية الأميركية من 24% إلى 17.8% بعد هدنة ترمب–الصين، ما يُعدّ الانخفاض الأكبر منذ عقود، في وقت حاولت فيه الإدارة تخفيف الضغوط التضخمية على الأسواق.
تضارب الأحكام… والمصير معلق حتى 9 يونيو
فصل جديد من الصراع القضائي بدأ بعد أن قضت محكمة التجارة الدولية في مانهاتن بعدم قانونية معظم رسوم ترمب التي فُرضت بموجب "قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية" (IEEPA). إلا أن الاستئناف السريع من البيت الأبيض أدى إلى صدور قرار مؤقت من محكمة فيدرالية بإعادة العمل بالرسوم حتى دراسة المرافعات، والمقررة قبل 9 يونيو.
قرار مانهاتن: تعليق رسوم ترمب على دول كالصين والمكسيك وكندا.
قرار الاستئناف: إعادة فرض الرسوم مؤقتًا لحين البت النهائي.
البيت الأبيض: يهدد بالتصعيد للمحكمة العليا ويدرس خيارات بديلة مثل المادة 232 و301.
تكنولوجيا وعملاق الرقائق… الضريبة الكبرى على الابتكار
من الشركات الأكثر تضررًا:
Nvidia (NVDA): خفضت توقعاتها بعد خسارة 5.5 مليار دولار نتيجة حظر رقائق H20 إلى الصين.
Apple (AAPL): تواجه تهديدًا مباشرًا برسوم 25% على هواتف iPhone ما لم تُنقل خطوط الإنتاج إلى أميركا.
HP (HPQ): سجلت تراجعًا حادًا في الأرباح نتيجة اضطرابات الإنتاج وسلاسل الإمداد.
الرئيس التنفيذي لـ Nvidia، جنسن هوانغ، وصف القيود الأميركية بـ"الفاشلة"، قائلًا إنها "تخدم المنافس الصيني ولا تردعه."
تحركات دولية… والهند وأوروبا تدخلان على خط التفاوض
الهند: قدمت عرضًا لخفض الرسوم مقابل حماية قطاعات زراعية محلية.
تايوان: تواصل مفاوضاتها التجارية رغم الضبابية القانونية.
الاتحاد الأوروبي: يسعى لاتفاقات مشتركة في مجالات الطيران والصلب والرقائق. برلين تقترح ضرائب بنسبة 10% على شركات مثل Google وMeta كردّ اقتصادي متكافئ.
قراءة مالية: ثلاث سيناريوهات بين التفاؤل والانكماش
السيناريو الإيجابي: تسوية سريعة تُبقي على الرسوم الاستراتيجية وتمنح الأسواق وضوحًا وتشجع الفيدرالي على خفض الفائدة.
السيناريو الضاغط: استمرار الغموض القانوني يزيد من تقلبات السوق ويضعف شهية الاستثمار.
السيناريو الكارثي: بلوغ سقف الدين (X-date) بدون إيرادات جمركية، ما قد يعمّق أزمة التمويل الفيدرالي.
الخلاصة:
الرسوم الجمركية لم تعد مجرد أداة سياسية، بل نقطة تقاطع بين القضاء، الأسواق، والتحالفات الجيوسياسية. وبينما تسعى إدارة ترمب لتثبيت قواعد لعب جديدة، يبقى السؤال مفتوحًا: من يملك الكلمة الفصل؟ المحكمة؟ الكونغرس؟ أم الأسواق؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب الحصرية — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet