عاد الدولار الأميركي لتحقيق مكاسب محدودة بعد ضربة الاحتلال الإسرائيلي لمواقع نووية إيرانية، لكن هذه العودة بدت باهتة مقارنة بما اعتدناه في أزمات سابقة. ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.6% في ذروة التصعيد، قبل أن تتلاشى هذه المكاسب إلى 0.1% مع نهاية الجلسة، في إشارة واضحة إلى تراجع ثقة الأسواق بدور الدولار التقليدي كملاذ آمن، وطرح تساؤلات جديدة حول قدرة العملة الأميركية على الصمود في وجه المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية.
تراجع واضح في معنويات السوق تجاه الدولار
دولار يترنح رغم تصاعد التوترات:
حتى مع تصاعد التوتر بين دولة الاحتلال وإيران، لم نشهد ذلك الاندفاع التقليدي نحو الدولار، إذ بقي قريبًا من أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، متأثرًا بتصريحات ترمب الأخيرة حول فرض رسوم جمركية جديدة، والتي زادت الضبابية حول مستقبل السياسة الأميركية.
ضغط العوامل الأميركية على العملة:
تصريحات سونيا مارتن، رئيسة قسم العملات والسياسة النقدية في DZ Bank، تؤكد أن "معنويات الدولار تعرضت لضربة قوية"، مشيرة إلى أن الأسواق باتت بحاجة إلى تصعيد أكبر بكثير في الشرق الأوسط حتى نشهد انتعاشًا ملموسًا للعملة الأميركية.
الدولار يفقد بريقه كملاذ... لكن ليس بالكامل
تغير في سلوك المستثمرين:
خلال العقود الماضية، كانت الأزمات الدولية تعني مباشرة قفزة في الدولار وسندات الخزانة الأميركية، لكن اليوم بات المشهد مختلفًا مع ازدياد القلق بشأن الاقتصاد الأميركي، السياسات الضريبية، والعجز الفيدرالي المتفاقم.
عوائد السندات والتضخم تحت المجهر:
ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس، تزامنًا مع قفزة أسعار النفط وتجدد مخاوف التضخم، ما عزز التقلبات في أسواق العملات والسندات.
قراءة المحللين: لماذا هذا الضعف؟
تبدل ديناميكيات السوق العالمية:
يشير خبراء Goldman Sachs إلى أن مصادر الصدمات الجيوسياسية والاقتصادية هذا العام تتركز في الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى. عودة الدولار للعب دور الملاذ الآمن أصبحت مشروطة بتحول مركز المخاطر نحو مناطق أخرى حول العالم.
دور أميركا كمنتج رئيسي للنفط:
استمرار ارتفاع أسعار النفط قد يمنح الدولار دفعة مؤقتة، خاصة مع تصفية مراكز البيع على المكشوف، لكن هذا الدعم سيبقى هشًا إذا لم تتغير توقعات النمو الاقتصادي الأميركي بشكل جذري.
قلق متزايد من السياسات:
سياسات الرسوم الجمركية الجديدة، والعجز الفيدرالي المتفاقم، أضعفت ثقة المستثمرين بالدولار، ودفع العديد من الاستراتيجيين، مثل بول تودور جونز، إلى توقع تراجع العملة الأميركية بنسبة تصل إلى 10% خلال عام، في ظل توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل كبير.
الخلاصة
المشهد الحالي مختلف تمامًا عن إرث الدولار كملاذ آمن عالمي. السوق باتت تقيّم العملة الأميركية بمعايير جديدة، تضع في الاعتبار ضعف النمو، تصاعد الديون، وتغير خارطة المخاطر. ورغم استمرار بعض الدعم الظرفي المرتبط بأسعار النفط أو تصفية المراكز، فإن الصورة الأكبر تشير إلى مرحلة جديدة قد يفقد فيها الدولار بريقه إذا لم تستعد أميركا ثقة الأسواق العالمية.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet