من صدارة الصين إلى سباق الهند وفيتنام… كيف تغيرت خريطة استيراد الهواتف في أميركا؟
شهد عام 2025 واحدًا من أكبر التحولات في سوق الإلكترونيات الأميركي، حيث تراجعت واردات الهواتف الذكية من الصين بشكل دراماتيكي لمستويات لم تشهدها الأسواق منذ عقدين، مدفوعة بتصعيد الرسوم الجمركية من إدارة ترمب، واشتداد المنافسة الجيوسياسية، والتحولات الهيكلية في سلاسل الإمداد. وبينما استغلّت الهند وفيتنام هذا الفراغ لتتصدر المشهد كمزودين رئيسيين للهواتف الذكية إلى الولايات المتحدة، بدا أن خارطة التجارة العالمية تدخل عصرًا جديدًا تُعاد فيه صياغة التحالفات التجارية والتكنولوجية.
انهيار واردات الهواتف من الصين وصعود الهند وفيتنام
تراجع حصة الصين من واردات الهواتف الذكية الأميركية إلى ما يقارب الصفر بحلول مايو 2025، في مقابل ارتفاع حاد لحصة الهند وفيتنام التي تتجاوز 80% من السوق الأميركي خلال الفترة نفسها. المصدر: مكتب الإحصاء الأميركي – Yahoo Finance
تصعيد جمركي غير مسبوق وضغوط على الشركاء التجاريين
35% رسوم على كندا وتحذيرات لكتلة BRICS:
أعلن الرئيس دونالد ترمب عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية، على رأسها فرض 35% على واردات كندا، مع الإبقاء على بعض الاستثناءات (كالنفط وبعض القطاعات الحيوية). كما وجّه تحذيرات للدول الأعضاء في BRICS، مؤكدًا أن موجة الرسوم القادمة لن تستثني أحدًا.رسوم شاملة بين 15% و20% على معظم الشركاء:
في مقابلة مع NBC News، أكد ترمب عزمه رفع الحد الأدنى للرسوم الشاملة إلى 15-20% بدلًا من 10% على معظم الشركاء التجاريين، ما زاد الغموض والقلق في الأسواق العالمية.رسائل جمركية لأكثر من 20 شريكًا تجاريًا:
شهد الأسبوع إرسال أكثر من 20 رسالة رسمية من البيت الأبيض إلى دول مختلفة تتضمن معدلات رسوم بين 20% و40%، في حين فرضت البرازيل رسمًا قياسيًا بلغ 50%.رسوم النحاس تمتد للبنى التحتية:
أوضح ترمب أن الرسوم الجديدة على النحاس (50%) ستشمل القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والدفاع، ومراكز البيانات، ما يعزز حالة الترقب في أسواق المعادن والتقنية.
آثار الرسوم الجديدة على آسيا وأوروبا
فيتنام تسعى لخفض الرسوم:
رغم اتفاق سابق، فوجئت القيادة الفيتنامية بتأكيد ترمب أن الواردات من فيتنام ستخضع لرسم 20%، مع رسم 40% إضافي على المنتجات المعاد تصديرها من دول أخرى (خاصة الصين). فيتنام دخلت في سباق مع الزمن لإعادة التفاوض وخفض النسبة.الاتحاد الأوروبي في سباق مع الزمن:
قبِل الاتحاد الأوروبي مبدئيًا فرض رسم 10% على جزء كبير من صادراته، مع استمرار الضغط على واشنطن لاستثناء قطاعات استراتيجية قبل حلول موعد فرض الرسوم.الهند تحت المجهر:
بعد الرسوم القياسية على البرازيل، شرعت الهند – العضو البارز في BRICS – في مفاوضات مع واشنطن على إطار اتفاق قد يخفض الرسوم إلى ما دون 20%.
ضبابية خطيرة تهدد شركات التكنولوجيا الكبرى
تأجيل التنفيذ حتى أغسطس يربك خطط Big Tech:
أدى تأخير تنفيذ الرسوم حتى أغسطس إلى حالة من التردد و"الإرباك الاستثماري" لدى عمالقة التكنولوجيا مثل Apple وNvidia، ما جعل الشركات تعيد تقييم خطط سلاسل التوريد حتى نهاية الربع الثالث من 2025.Nvidia وApple بين استثناءات مؤقتة وتحديات مستمرة:
رغم حصول Nvidia وApple على إعفاءات مؤقتة، إلا أن تهديدات الرسوم الفردية لا تزال قائمة، خصوصًا مع التلميحات إلى حظر تصدير الرقائق المتقدمة للصين أو فرض رسوم 25% على منتجات Apple إذا لم تنتقل عملياتها الصناعية إلى الولايات المتحدة.رسوم محتملة على أشباه الموصلات:
تُشير توقعات إلى إمكانية فرض رسوم جديدة على أشباه الموصلات، ما قد يرفع تكلفة الإلكترونيات بشكل غير مسبوق، ويضع ضغوطًا متزايدة على سلاسل التوريد وشركات التقنية الأميركية.
مستقبل السوق: هل الضبابية أخطر من الرسوم؟
حالة ترقب وارتباك استثنائية:
يؤكد محللون أن أثر عدم اليقين يفوق أحيانًا أثر الرسوم الجمركية نفسها، مع استمرار إدارة ترمب في استراتيجية "تأجيل وتراجع" أو ما يُعرف بـ "TACO tariffs". هذه الحالة تعطل الاستثمار، وتؤخر اتخاذ القرار لدى المصنّعين والموزعين، وتُهدد استقرار السوق في المدى المتوسط.
الخلاصة
انهيار واردات الهواتف الذكية الأميركية من الصين عام 2025 لم يكن مجرد تغير في الأرقام، بل نتاج سياسة جمركية شرسة قلبت الموازين التجارية وأعادت تموضع آسيا كمركز إنتاج رئيسي. الهند وفيتنام تبرزان اليوم كحليفين أساسيين لصناعة الإلكترونيات الأميركية، لكن الضبابية المتواصلة في السياسات التجارية تبقى التحدي الأكبر أمام شركات التكنولوجيا والمستثمرين على حد سواء. الاستعداد الدائم والتخطيط بعيد المدى باتا شرطًا للبقاء في سوق يتغير كل يوم.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet