أسعار النفط تواصل ارتفاعها... هل يدق هذا ناقوس الركود القادم؟
وسط عالمٍ متقلب تسوده صراعات الجغرافيا السياسية وتبدلات سياسات البنوك المركزية، تظل أسعار النفط مرآة حساسة لصحة الاقتصاد العالمي. وبينما اعتاد المستثمرون على موجات التذبذب بفعل الأحداث الكبرى، تكشف البيانات التاريخية عن نمط خطير: غالبًا ما يتضاعف سعر النفط قبيل كل ركود اقتصادي رئيسي في الولايات المتحدة. فهل تقترب الأسواق من إعادة إنتاج هذا السيناريو مع استمرار التوترات الجيوسياسية وعودة أسعار الخام للارتفاع؟
ما الذي يكشفه الرسم البياني؟
تغيرات أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI) كنسبة مئوية مقارنة بالعام السابق، منذ نهاية الثمانينيات حتى اليوم، ويحدد الفترات المظللة كأوقات ركود اقتصادي في الولايات المتحدة. يبرز بوضوح أنه في كل مرة تتضاعف فيها أسعار النفط أو تتجاوز ارتفاعًا بنسبة 100%، سرعان ما تلحقها فترة ركود اقتصادي، كما حدث في أزمات 1990، 2000، 2008، و2020.
المستثمرون لا يخشون التصعيد... حتى الآن
على الرغم من تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، بقيت الأسواق العالمية متفائلة بشكل عام، إذ تؤكد التقارير أن جميع الأطراف الفاعلة تركز على ضبط النزاع ومنع اتساع رقعته. هذا التفاؤل انعكس على أسعار النفط التي عادت للانخفاض مع تراجع احتمالات تعطل الإنتاج العالمي. يرى محللو الأسواق أن "الأثر النفسي" للأحداث الجيوسياسية ظل محدودًا حتى الآن، ويستند إلى قناعة أن الجميع لديه مصلحة في تجنب أزمة طاقة عالمية.
الاحتياطي الفيدرالي... التريث هو الخيار الوحيد
في ظل هذه الأجواء، يجمع خبراء الاقتصاد على أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيواصل سياسة "الصبر والترقب"، حتى تتضح تداعيات مزيج الرسوم الجمركية المرتفعة وتخفيضات الضرائب على النمو والتضخم. كما يشير كبير الاقتصاديين في بنك كوميريكا، فإن البنك المركزي لن يتدخل إلا إذا حصل تحول جذري في البيئة الاقتصادية، ما يعني أن الأسواق ستبقى تتفاعل مع التطورات العالمية بشكل مباشر ودون تدخل عاجل من السياسة النقدية.
الخلاصة
رغم صمود الأسواق أمام سلسلة من الصدمات الجيوسياسية، يبقى النفط هو المؤشر الأكثر دقة لتحذير المستثمرين من أي ركود محتمل. فإذا واصلت الأسعار مسارها التصاعدي الحاد كما جرت العادة قبل فترات الركود السابقة، قد يتغير مزاج الأسواق العالمية بشكل جذري خلال الأشهر المقبلة. حتى اللحظة، يبقى التفاؤل النسبي هو المسيطر... والسؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى سيصمد هذا التفاؤل في مواجهة واقع البيانات التاريخية والضغوط المتراكمة؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet