ميناء لوس أنجلوس يُكافح الضغوط الجمركية... والتجارة الأميركية على المحك
في زمن الحرب التجارية... كيف تتحوّل حركة الحاويات التجارية إلى مرآة لحالة الاقتصاد الأميركي؟
في الوقت الذي تشتد فيه معركة الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين، تتحوّل موانئ لوس أنجلوس ولونغ بيتش إلى المؤشر الأول الذي يراقبه الاقتصاديون والتجار على حد سواء. فهذه الموانئ تمثّل أكثر من 32% من الواردات الأميركية عبر الحاويات، وتُعدّ خط الدفاع الأول في وجه اضطرابات سلاسل الإمداد الآتية من آسيا.
لوس أنجلوس: البوابة الأولى لأي أزمة
رغم أن الصورة العامة لا تزال مستقرة نسبيًا، فإن التفاصيل الدقيقة تُشير إلى تحوّلات تحت السطح.
حجم حاويات الشحن بالسكك الحديدية من لوس أنجلوس إلى الداخل الأميركي
تُظهر الصورة تباينًا واضحًا بين:
الحمولات الدولية (الرمادي)
الحمولات المحلية (البرتقالي)
مؤشري الطلب على الشاحنات (البنفسجي والبرتقالي الداكن)
هذا التباين يعكس حالة من التردد والتقلّب في حركة النقل البري، نتيجة المخاوف من الرسوم، ويُعدّ إنذارًا مبكرًا على تغيّر سلوك الشحن.
من آسيا إلى لوس أنجلوس: التراجع بدأ فعليًا
مؤشر حجم الحجوزات البحرية من الصين إلى الولايات المتحدة
منذ منتصف مارس، انخفضت الحجوزات بنحو 45%، وفق بيانات الشحن العالمية.
ورغم أن هذه البيانات تسبق وصول البضائع بأسابيع، إلا أنها تُنبّه إلى انخفاض متوقع في حركة الحاويات خلال مايو ويونيو، أي بالتزامن مع بدء تطبيق الرسوم المرتفعة التي أقرّها الرئيس ترمب.
استراتيجيات "السحب المسبق": هل وصلت إلى نهايتها؟
في مواجهة هذا التهديد، لجأت معظم الشركات الأميركية خلال 2024 إلى تخزين البضائع مبكرًا لتجنّب الرسوم الجمركية – وهي استراتيجية أثبتت فعاليتها آنذاك.
لكن اليوم، ومع انخفاض حركة الشحن البحري وتراجع الحجوزات، بدأت هذه الاستراتيجية تفقد صلاحيتها، ما ينذر بظهور التأثير الحقيقي للرسوم خلال الربع الثاني والثالث من 2025.
"عندما تجف الحاويات القادمة، لن تبقى المخازن ممتلئة." – تعليق لأحد مديري سلاسل الإمداد في كاليفورنيا.
تفاوت بين الموانئ... ولوس أنجلوس الأكثر تضررًا
حجم الحاويات الواردة من الصين إلى الولايات المتحدة حسب الميناء:
الرسم يُظهر بوضوح:
انخفاضًا كبيرًا في لوس أنجلوس (البنفسجي)
مقارنة بموانئ نيويورك وفيرجينيا
ما يُعزز من فكرة أن لوس أنجلوس هي الأضعف أمام التغيرات التجارية مع آسيا، بفعل موقعها وحجم اعتمادها على الصين تحديدًا.
بين التفاؤل الحذر والارتداد المفاجئ
الشركات التي استعدّت بتخزين كميات ضخمة قد تكسب وقتًا، لكنها أيضًا تُواجه مخاطر من نوع مختلف.
"في حال التوصل إلى اتفاق تجاري مفاجئ، قد تواجه الشركات اكتظاظًا في المستودعات، مما يُسبّب اختناقات لوجستية مرتدة" – بحسب تقرير Goldman Sachs الأخير.
وهذا يُعيد إلى الواجهة السؤال الجوهري: هل نحن أمام شح مؤقت أم تخمة مفاجئة؟
الخلاصة
تُعد لوس أنجلوس المقياس الأوضح لتأثير الرسوم على التجارة العالمية، والبيانات تُظهر بداية تغير في اتجاهات الشحن، وسط قلق من تباطؤ قادم في حركة الإمداد من آسيا.
بين مؤشرات الانكماش في حجوزات الحاويات، والتراجع في حجم الشحن عبر السكك الحديدية، والاستعدادات المتأرجحة للشركات، يقف الاقتصاد الأميركي على عتبة مرحلة حرجة.
هل ستكون المرحلة القادمة مرحلة ارتداد مفاجئ في سلاسل الإمداد؟ أم نشهد إعادة تشكّل دائمة في خارطة التجارة العالمية؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet