بهذه الكلمات الأربع، أنهى وارن بافيت فصلاً استثنائيًا في تاريخ وول ستريت، معلنًا عزمه التقاعد من منصب الرئيس التنفيذي لشركة Berkshire Hathaway (BRK-A, BRK-B) بنهاية عام 2025، وتسليم القيادة إلى خليفته غريغ أبيل (Greg Abel).
ورغم بلوغ بافيت 94 عامًا، فإن القرار لم يُقابل بالدهشة، بل اعتُبر خطوة محسوبة لرجلٍ لطالما خطّط بعناية حتى لأدق لحظات الوداع.
خطة تعاقب عمرها عقد... ومباركة مانغر
منذ عام 2018، تم تعيين كل من غريغ أبيل وأجيت جاين كنائبين للرئيس التنفيذي، بعد توصيات متكررة من الراحل تشارلي مانغر، شريك بافيت الأوثق، الذي وصف الرجلين حينها بـ"قيادات عالمية بكل ما للكلمة من معنى".
بل ذهب مانغر أبعد من ذلك حين قال:
"في بعض الجوانب المهمة، قد يكون كل منهما مديرًا أفضل من بافيت نفسه."
من يخلف بافيت؟ "عقلاني وهادئ وحاسم"
في رسالته السنوية لعام 2014، وضع بافيت المعايير المطلوبة لخليفته:
توزيع رأس المال بذكاء
اختيار مديرين تنفيذيين مميزين
القدرة على اتخاذ قرارات صعبة بسرعة
فهم عميق للسلوك البشري
والأهم: "أن يعرف حدوده"
قال بافيت:
"هذا المنصب ليس لأصحاب المزاج، بل لمن يتحلّى بالحكمة والهدوء والبصيرة."
أداء بيركشاير... يتفوّق رغم التحديات
بينما تعثرت الأسواق العالمية، كانت Berkshire Hathaway تسبح عكس التيار.
الرسم التوضيحي يُظهر أن سهم BRK-A حقق عائدًا يزيد عن 17% منذ بداية 2025، مقابل أداء سلبي لمؤشرات مثل S&P 500 وNasdaq وDow Jones.
هذا التفوّق يعكس ليس فقط حنكة بافيت، بل أيضًا صلابة النموذج التشغيلي الذي بناه.
347.7 مليار دولار... جبال من السيولة
أحد أعمدة استراتيجية بافيت خلال العقد الأخير تمثّل في بناء احتياطي نقدي هائل.
الرسم التوضيحي يُظهر النمو الثابت في حجم السيولة منذ 1997، لتبلغ 347.7 مليار دولار في الربع الأول من 2025 — دون تنفيذ عمليات استحواذ كبيرة منذ صفقة Precision Castparts عام 2015.
المفارقة؟ رغم هذا المخزون الضخم، ما تزال بيركشاير تتريّث، وهو ما يُثير تساؤلات حول الوجهة المقبلة لهذه السيولة.
ما الذي يُقلق بافيت؟ "سرطانات الشركات الثلاث"
في أحد خطاباته، حذّر بافيت من ثلاثة أخطار تُهدّد حتى أعظم الشركات:
الغرور
البيروقراطية
الركود الذهني
وقال:
"شركات عظيمة مثل GM وIBM وSears انهارت بسبب هذه الآفات رغم هيمنتها المطلقة في أزمنة سابقة."
وأضاف أن الحفاظ على الثقافة الداخلية للشركة أهم حتى من الحفاظ على أرباحها، مؤكدًا أن "نغمة القيادة تأتي من القمة".
هل يختفي بافيت تمامًا؟ "سأبقى... لكن الكلمة الأخيرة لأبيل"
في معرض حديثه عن دوره بعد التنحّي، قال بافيت:
"سأكون موجودًا... وقد أكون مفيدًا في بعض المواقف، لكن غريغ هو صاحب القرار التنفيذي في كل شيء يتعلق بالعمليات وتوزيع رأس المال."
تاريخيًا، مثل هذه الأدوار الاستشارية تتلاشى بمرور الوقت، ما يُعزز من رمزية هذه المرحلة الانتقالية.
استثمارات بافيت: تركيز على القيم المستدامة
محفظة بيركشاير حافظت على طابعها التقليدي: التركيز على الشركات الراسخة ذات العوائد المستقرة.
الرسم التوضيحي يُبرز الاستثمارات الكبرى:
Apple (AAPL): مليار دولار 135.4
Bank of America: مليار دولار 39.2
American Express: مليار دولار 34.5
Coca-Cola: مليار دولار 24.5
Chevron: مليار دولار 18.8
وقد قال بافيت:
"تيم كوك قدّم للمساهمين عوائد تفوق ما قدّمته أنا."
الخلاصة:
يرحل بافيت عن المنصب، لكنه يترك خلفه منظومة إدارية واستثمارية فريدة في عالم المال، مبنية على الانضباط، والثقة، والتفكير بعيد المدى.
غريغ أبيل سيقود سفينة ضخمة وسط أمواج متقلّبة: من تقلبات الأسواق، إلى الغموض السياسي والاقتصادي العالمي، إلى تحدي الحفاظ على روح بيركشاير الأصيلة.
هل تنجح الشركة في الحفاظ على زخمها في عصر ما بعد بافيت؟ — الاختبار الحقيقي يبدأ الآن.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet