الرسوم الأميركية تترنح بين "صفقات اللحظات الأخيرة" وتهديدات جديدة.. ترمب يُلوّح بتصعيد ضد دول بركس
والفعاليات الاقتصادية تترقب الفاتورة النهائية
بينما يقترب موعد انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترمب (9 يوليو) لعودة الرسوم الجمركية إلى مستوياتها المرتفعة على غالبية شركاء التجارة، تعيش الأسواق العالمية على صفيح ساخن في واحدة من أكثر المراحل ضبابية للسياسات التجارية الأميركية منذ عقود. وعلى الرغم من تراجع المعدل الفعلي للرسوم إلى 15.8% بفضل سلسلة من "صفقات اللحظات الأخيرة" مع بعض الدول، جاء تهديد ترمب الجديد بفرض 10% إضافية على أي دولة تتبع سياسات "معادية لأميركا" على نهج تكتل BRICS ليعيد المخاوف من موجة تصعيد قد تعيد رسم خريطة التجارة الدولية مجددًا.
الرسم البياني: أين تقف الرسوم الجمركية فعليًا؟
الرسم البياني يستعرض المعدل الفعلي للرسوم الجمركية الأميركية (إيرادات الجمارك كنسبة من واردات السلع) منذ عام 1900، مع ملاحظة قفزات حادة في فترات الحروب والأزمات، ثم تراجع تدريجي حتى مطلع الألفية، قبل أن يعود المعدل للارتفاع الحاد في 2025 مع قرارات إدارة ترمب الأخيرة.
تصعيد ترمب: 10% إضافية ضد سياسات BRICS
في أحدث حلقات التصعيد التجاري، أعلن ترمب عن فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على أي دولة تتبنى سياسات تكتل BRICS (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) أو تصطف خلف مواقفها "المعادية لأميركا".
وجاءت هذه التهديدات عقب إدانة قادة BRICS للسياسات الأميركية في قمتهم الأخيرة، ورد ترمب بمنشور ناري عبر منصة Truth Social قائلاً:
"أي دولة تصطف خلف BRICS ستدفع 10% رسوم إضافية… ولا استثناءات."
يأتي ذلك في وقت لم تنجح فيه الإدارة الأميركية حتى اللحظة إلا في إبرام ثلاث اتفاقيات جزئية، فيما تتواصل مفاوضات شاقة مع بقية الشركاء وسط ضغوط زمنية كبرى.
أين تقف المفاوضات مع الشركاء التجاريين؟
الصين: شهدت الفترة الأخيرة تخفيفًا للقيود على صادرات برمجيات الرقائق والإيثان، ضمن إطار تهدئة حذر.
فيتنام: تم التوصل إلى صفقة تقضي بفرض 20% رسوم على صادراتها بدلًا من 46%، مع رفع الرسوم إلى 40% على السلع "المُحوّلة" من دول ثالثة.
اليابان: الأجواء لا تزال متوترة وسط تهديدات برسوم تصل إلى 35% أو أكثر.
الاتحاد الأوروبي: المفاوضات جارية حول فرض رسم موحد 10%، مع مطالب أوروبية بإعفاء قطاعات الأدوية وأشباه الموصلات والطائرات وتخفيف الرسوم على السيارات والفولاذ.
كندا: عادت المفاوضات بعد تجميد ضريبة الخدمات الرقمية، على أمل التوصل لاتفاق منتصف يوليو.
ماذا تعني قفزة المعدل الفعلي للرسوم؟
جاء التراجع الأخير في المعدل الفعلي للرسوم (من 17.8% في مايو إلى 15.8% حاليًا) نتيجة توقيع صفقات عاجلة مع بعض الشركاء، إلا أن المشهد لا يزال غامضًا في ظل استمرار تهديدات تصعيدية قد تدفع المعدل للصعود مجددًا إلى 60%-70% على بعض الدول، أو تضيف 10% على أخرى مرتبطة بالـBRICS.
هذا التحول يُعيدنا لمستويات ثلاثينات القرن الماضي، ويهدد الاقتصاد العالمي بموجات تضخم واضطرابات جديدة في سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.
نظرة الأسواق: ترقب وحسابات معقدة
أوروبا: الأسواق الأوروبية تترقب اتفاقًا يُبقي الرسوم دون عتبة 10% لتفادي تكرار سيناريوهات الحروب التجارية السابقة.
اليابان: ترفض الخضوع لضغوط أميركية في ملفات حساسة مثل الأرز والسيارات، وتتمسك بمصالحها الاستراتيجية.
الأسواق الناشئة: تراجع الحسابات الاستراتيجية في ظل تهديدات ترمب الأخيرة تجاه دول BRICS، ما قد يدفع لتغير تحالفات التجارة في المستقبل القريب.
الخلاصة
العالم أمام لحظة مفصلية: أميركا تعود بقوة إلى سياسات الرسوم المرتفعة، في مشهد يعيد للأذهان صدمات عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. ورغم التخفيض "المؤقت" للمعدل الفعلي للرسوم، فإن تهديدات ترمب السياسية تترك الباب مفتوحًا أمام تصعيد في أي لحظة، ما يجعل استقرار التجارة العالمية على المحك لعقد مقبل.
هل تنجح أوروبا واليابان وغيرهما في اقتناص إعفاءات أو تخفيضات جديدة؟ أم أننا أمام جولة تصعيد قد تعصف بتوازنات التجارة الدولية من جديد؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet