بعد موجة صعود قوية قادتها أسهم وول ستريت منذ أبريل، يقف المستثمرون اليوم أمام معضلة توزيع السيولة: هل تبقى الأسهم، رغم ارتفاعها، الخيار الأكثر جاذبية؟ أم أن ارتفاع عوائد السندات الأميركية يفرض معادلة جديدة قد تغيّر قواعد اللعبة الاستثمارية؟ مع تراجع علاوة المخاطر للأسهم إلى أدنى مستوياتها منذ 2002، يبدو قرار توزيع الاستثمارات بين الأسهم والسندات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
علاوة المخاطر: إشارات متغيرة على رادار المستثمرين
ما هي علاوة المخاطر؟
هي الفارق بين العائد المتوقع من الأسهم (عائد أرباح S&P 500) وعائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات. عندما تضيق هذه الفجوة، تتقلص جاذبية الأسهم مقابل السندات الأكثر أمانًا.
ماذا تقول الأرقام الآن؟
بحسب بيانات بلومبرغ إنتلجنس، تراجعت علاوة المخاطر إلى مستويات لم نشهدها منذ أكثر من عقدين. وهذا يعني أن الأسهم الأميركية باتت أغلى نسبيًا مقارنة بالسندات، في معظم فترات العقدين الماضيين.
مقارنة تاريخية:
عندما هبطت علاوة المخاطر إلى هذه المستويات المنخفضة سابقًا، لم تتجاوز عوائد S&P 500 السنوية في المتوسط 2.5% خلال الـ12 شهرًا التالية—مقابل متوسط 8.5% خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وفق أبحاث CFRA.
التقييمات المرتفعة وصعود السندات
أسهم مرتفعة التقييم:
ما يدفع جزءًا كبيرًا من هذا التحول هو الارتفاع الكبير في تقييمات الأسهم، وخاصة "السبعة العظماء" مثل Nvidia وMicrosoft وMeta، التي أدت لانخفاض عائد أرباح S&P 500 إلى 3.62%. وعند استبعاد هذه الأسماء العملاقة، يرتفع العائد إلى 5.1% فقط—وهو لا يزال قريبًا من عوائد السندات.
عوائد السندات تقترب من الأعلى منذ عقود:
وسط مخاوف الإنفاق الحكومي الأميركي وارتفاع الدين العام، صعدت عوائد السندات إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، ما يجعلها خيارًا أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن الأمان النسبي.
هدوء التداولات: راحة أم هدوء يسبق العاصفة؟
رغم موجة الصعود، أصبحت التداولات أكثر هدوءًا مؤخرًا، إذ لم يشهد S&P 500 تقلبات تتجاوز 0.6% صعودًا أو هبوطًا في 10 من آخر 11 جلسة.
بحسب سكوت لادنر، مدير الاستثمار في Horizon Investment:
"لم تعد حالة التفاؤل بشأن الرسوم الجمركية هي الحاجز النفسي لأسعار الأسهم... القواعد واضحة الآن والسوق باهظ الثمن مجددًا".
قلق متجدد من الدين الأميركي ومستقبل الأسواق
تتصاعد المخاوف بشأن قدرة الحكومة الأميركية على إدارة عبء الدين والفوائد المرتفعة، ما قد يدفع بعض المستثمرين للخروج من أصول الدولار في حال تصاعدت الأزمة.
ما الذي سيحدد اتجاه الأسواق؟
يبقى أداء الأسهم رهينًا بقرارات الفيدرالي الأميركي (خصوصًا أي تخفيف نقدي محتمل) ومستجدات السياسات التجارية مع العالم. تاريخيًا، أي تيسير نقدي يدعم الأسهم، لكن الوضوح في السياسة الاقتصادية يبقى مطلوبًا أكثر من أي وقت مضى.
الخلاصة
موجة الصعود في الأسهم الأميركية أخفت تحت السطح تحوّلات خطيرة في معادلة المخاطر والعوائد. ومع تراجع علاوة المخاطر، وارتفاع عوائد السندات، وتفاقم القلق من الدين الحكومي، يبدو أن الوقت قد حان لإعادة تقييم الخيارات الاستثمارية والتركيز على التنويع والمرونة. فهل تستمر الأسهم في الصدارة معتمدة على "السبعة الكبار" وقرارات الفيدرالي؟ أم أن السندات ستفرض واقعًا جديدًا في أسواق المال؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet