هل تحصل أوروبا على أفضلية تفاوضية ضد واشنطن؟
في منعطف استراتيجي مهم، بات الاتحاد الأوروبي يملك أوراق ضغط إضافية في مفاوضاته مع الولايات المتحدة بعد الحكم القضائي الأخير الذي ألقى بظلال الشك على شرعية الرسوم الجمركية المتبادلة. بينما تتصاعد وتيرة الاجتماعات والاتصالات الدبلوماسية، يبدو أن ميزان القوى بدأ يميل لصالح بروكسل.
أوروبا ترفع سقف مطالبها: لا تنازل عن "صفر رسوم"
أكدت المفوضية الأوروبية تمسكها بموقفها الثابت الداعي لإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة على السلع الصناعية، حيث صرّح متحدث باسم المفوضية:
"لا تغيير في نهجنا، سنستمر في الاجتماعات التقنية والسياسية الأسبوع المقبل حسب الجدول."
هذا الإصرار الأوروبي يأتي في وقت تحاول فيه واشنطن إعادة ترتيب أوراقها عقب القرار القضائي الذي شكك في شرعية جزء كبير من الرسوم التي فرضها الرئيس ترمب سابقًا.
انقسام قضائي أمريكي... وأوروبا تقتنص الفرصة
جاء حكم محكمة التجارة الدولية الأميركية بتعليق معظم رسوم ترمب بحجة تجاوز الصلاحيات التنفيذية، قبل أن تصدر محكمة الاستئناف الفيدرالية قرارًا مؤقتًا بإعادة العمل بالرسوم لحين الحسم النهائي.
وقال مسؤول أوروبي مطلع على سير المفاوضات:
"الشك القانوني حول شرعية الرسوم المتبادلة يمنحنا بلا شك نفوذًا أكبر في المحادثات. هدفنا لا يزال واضحًا: صفر مقابل صفر في الرسوم."
محددات المفاوضات: لا مساس بالضرائب أو معايير الغذاء
رغم المرونة الأوروبية في مناقشة بعض الحواجز غير الجمركية، ترفض بروكسل بشكل قاطع فتح ملفات نظام الضرائب (مثل الضريبة الرقمية الأوروبية وضريبة القيمة المضافة) أو معايير سلامة الغذاء، معتبرة هذه المجالات "خطًا أحمر" لا يخضع لأي مساومة.
تحركات دبلوماسية حثيثة: نحو طاولة حوار جديدة
المفوض الأوروبي لشؤون التجارة، ماروش شيفتشوفيتش، أجرى مكالمة هاتفية مع وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، مؤكدًا:
"نستثمر الوقت والجهد للتوصل إلى حلول مستقبلية تخدم الطرفين."
وتستعد الأطراف لجولة جديدة من الاجتماعات الأسبوع المقبل على هامش اجتماع وزراء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في باريس، المقرر عقده في 3 و4 يونيو.
أوروبا... جزيرة الاستقرار وسط فوضى الرسوم الأميركية
يرى مسؤولون أوروبيون أن القرارات القضائية المتلاحقة في الولايات المتحدة تثبت صحة موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لشرعية الرسوم الجمركية المفروضة. في ظل هذا الغموض القانوني الأميركي، تقدم أوروبا نفسها كوجهة مستقرة وذات قواعد قانونية واضحة للأسواق العالمية.
وعلى الرغم من أن الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم والسيارات الأوروبية لم يتم المساس بها قضائيًا حتى الآن، إلا أن الضغط الحالي قد يمنح أوروبا فرصة جديدة للمطالبة بإلغاء أو خفض تلك الرسوم مستقبلًا.
أحد كبار المفاوضين الأوروبيين لخّص المشهد بالقول:
"كلمة السر الآن: عدم اليقين! لا أحد يعرف ما هو مصير الرسوم الأسبوع المقبل، فما بالك بالشهر القادم. إذا كنت تبحث عن بيئة أعمال مستقرة وقواعد واضحة، أوروبا هي الوجهة المثالية."
الخلاصة:
المشهد الراهن يكشف عن تحول لافت في موازين القوى، حيث يمنح الغموض القانوني الحالي الاتحاد الأوروبي ميزة إضافية في معركة الرسوم الجمركية الشاقة. وبينما تستعد بروكسل لمفاوضات مكثفة وصعبة، تبقى واشنطن أمام اختبار حقيقي: هل تتمكن من الدفاع عن سياستها التجارية أم تتنازل أمام ضغوط القانون والدبلوماسية الأوروبية؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet