ستة دروس من وارن بافيت... تصنع مستثمرًا استثنائيًا حتى بعد رحيله
رحيل وارن بافيت يُوقظ الذاكرة الاستثمارية
في مشهد تاريخي من اجتماع المساهمين لشركة Berkshire Hathaway (BRK-A، BRK-B)، أعلن وارن بافيت عن خطته للتقاعد مع نهاية عام 2025، وتسمية غريغ أبيل خليفة له في منصب رئيس مجلس الإدارة.
بافيت، الذي وُلد عام 1930 خلال الكساد العظيم، لم يكن مجرد مستثمر ناجح، بل أسطورة غيّرت شكل الاستثمار إلى الأبد. يكفي أن تعلم أن سهم بيركشاير يمكن أن ينهار بنسبة 99%، ومع ذلك يظل متفوقًا على السوق لو كنت قد استثمرت معه منذ عام 1964.
فما الذي صنع هذا الرجل؟ إليك ستة دروس خالدة من مدرسة بافيت.
1. قوة "الفلووت": الرافعة الخفية التي لم ينتبه لها أحد
حين استحوذ بافيت على شركات التأمين مثل GEICO وGeneral Re، لم يكن الهدف الربح من التأمين فقط، بل الاستفادة من ما يُعرف بـ"الفلووت" — أي الأموال المدفوعة مقدمًا على شكل أقساط تأمين قبل أن تُدفع كتعويضات.
بافيت أعاد استثمار هذا الفلووت بأسلوب ذكي، وحقق من خلاله تمويلًا مجانيًا تقريبًا، بل وأحيانًا بتمويل سلبي.
تقديرات تشير إلى أن ذلك سمح له باستخدام رافعة مالية تراوحت بين 1.4 و1.7 مرة دون مخاطرة مفرطة.
2. الشركات ذات "الخندق العميق": قلعة تحمي من المنافسة
بافيت استثمر في شركات مثل FlightSafety، لأنه يرى أن السوق لا يرحم الأخطاء في صناعات حساسة.
برأيه، اختيار شركة تدريب رخيصة يشبه اختيار جرّاح رخيص.
الفكرة؟ ابحث عن شركات تملك خنادق دفاعية — مزايا تنافسية لا يمكن نسخها بسهولة. وهذا ما تحققه علامات قوية، أو أسرار صناعية، أو موقع سوقي لا يُنافس.
3. "فترة الاحتفاظ المفضلة؟ إلى الأبد."
من أعظم مبادئ بافيت: "اشترِ الممتاز واحتفظ به."
هو ليس مضاربًا، بل مالك طويل الأجل. يستثمر لعقود، لا لأيام.
أمثلة؟
Coca-Cola: منذ 37 سنة
American Express: منذ أكثر من 30 سنة
GEICO وSee’s Candies: لأكثر من نصف قرن
تحليل الأداء التاريخي يُظهر أن الأسهم المُحتفظ بها على المدى الطويل تتفوق في 90% من الحالات بعد 10 سنوات، وتفوقها يصبح شبه مضمون بعد 15 سنة.
4. بدون رسوم... من يكسب هو المستثمر
لو كان بافيت يفرض رسومًا إدارية بنسبة 1% فقط، لكان قد استنزف 8 مليارات دولار من جيوب المساهمين العام الماضي وحده.
في 2007، تحدّى وراهن بنصف مليون دولار أن صندوقًا سلبيًا (Vanguard S&P 500) سيتفوق على صناديق استثمار نشطة خلال عقد.
النتيجة؟
الصناديق النشطة: 2.2% سنويًا
المؤشر السلبي: 7.1% سنويًا
قبل حتى خصم الرسوم. معظم الأرباح تبخرت في شكل عمولات.
5. التواضع المعرفي: دروس في التراجع عن القناعة
رغم مقاومته المبكرة لأسهم التكنولوجيا، بافيت عاد وعدّل موقفه — خصوصًا مع Apple.
استثمر فيها 31 مليار دولار، وحققت له أكثر من 175 مليار دولار.
وقد قالها صراحة:
"تيم كوك جنى لبيركشاير مالًا أكثر مما فعلت في حياتي."
هذا التواضع الفكري — القبول بالخطأ وتغيير القناعات — هو ما يُميز المستثمرين الكبار.
6. القليل من الحظ... والكثير من الفائدة المركّبة
بافيت لا يدّعي الكمال. يعترف بأنه وُلد في المكان والزمان المناسبين:
"ثروتي جاءت من العيش في أميركا، جينات محظوظة، والفائدة المركبة."
لكنّه استثمر هذا الحظ عبر أعوام من الصبر والتراكم والانضباط، لتحويل كل دولار إلى مدرسة مالية متكاملة.
الخلاصة:
وارن بافيت ليس مجرد رجل أعمال، بل مؤسسة فكرية واستثمارية.
مدرسته لا تُعلّم فقط كيف تربح، بل كيف تفكر وتبني ثروة قابلة للاستمرار دون مغامرة مفرطة أو تكاليف خفية.
من قوة الفلووت، إلى فلسفة التراكم، ومن الابتعاد عن الرسوم إلى الاستعداد للاعتراف بالخطأ — هذه الدروس ليست مخصصة للمليارديرات فقط، بل لأي مستثمر يريد أن يبني طريقه بثقة في عالم الاستثمار.
لا تفوّت الفرصة.
اشترك في نشرة "مركب" الآن لتصلك تحليلاتنا العميقة — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet