اشترِ الآن... وادفع لاحقًا؟ الأسواق تُحذّر من فخ الاستهلاك المؤجل
يُربك صورة الاقتصاد الأميركي BNPL
وسط موجة من المؤشرات الاقتصادية التي تتراوح بين المثير للقلق والمثير للسخرية على وسائل التواصل، يبرز مقياس جديد بدأ يلفت أنظار الاقتصاديين والمستثمرين: أنظمة "اشترِ الآن وادفع لاحقًا" (BNPL).. فهل هذه الظاهرة مجرد اتجاه استهلاكي مؤقت أم جرس إنذار مبكر على ركود اقتصادي يلوح في الأفق؟
ظاهرة BNPL : الشراء الفوري... والسداد المؤجل
تُظهر البيانات الصادرة مؤخرًا أن الأميركيين لا يكتفون باستخدام خدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقًا" (BNPL) للسلع غير الضرورية، بل باتوا يعتمدون عليها لتأمين الأساسيات مثل البقالة.
بحسب استطلاع أجراه موقع LendingTree في أبريل 2025:
49% من الأميركيين استخدموا BNPL هذا العام، مقارنة بـ43% في 2024.
25% منهم استخدموها لشراء البقالة، مقابل 14% فقط العام الماضي.
هذا التحول من الكماليات إلى الأساسيات يعكس انتقالًا مقلقًا من السلوك الاستهلاكي إلى الاعتماد الائتماني لتأمين ضروريات الحياة.
ارتفاع استخدام خدمات BNPL بين عامي 2024 و2025، بما في ذلك زيادة الاعتماد لشراء البقالة، وارتفاع حالات التأخير في السداد، ما يسلّط الضوء على هشاشة الوضع المالي للمستهلك الأمريكي.
التأخير في السداد... والقلق يتزايد
لكن الأخطر من ذلك أن نسبة التأخير في السداد ترتفع بدورها:
54% من المستخدمين تأخروا في سداد BNPL عام 2025، مقابل 47% في 2024.
41% أقروا بأنهم تأخروا في السداد خلال الـ12 شهرًا الماضية، مقارنة بـ34% العام السابق.
هذه الأرقام تشير إلى ضعف متزايد في القدرة على إدارة الدين قصير الأجل، حتى في نظام يُفترض أنه أكثر مرونة من بطاقات الائتمان.
شركات BNPL تعاني رغم النمو
شركة Klarna السويدية، إحدى أكبر شركات BNPL عالميًا، كشفت أن:
خسائر القروض الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 17% في الربع الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
الإيرادات تجاوزت 700 مليون دولار، لكن مع تأجيل خطة الاكتتاب العام، تعكس الأرقام توترًا داخليًا وتوجسًا خارجيًا.
وبالرغم من أن نسبة الخسائر إلى إجمالي القروض لا تزال منخفضة عند 0.54%، إلا أن الاتجاه التصاعدي بات يثير القلق، خصوصًا في ظل تفاقم الغموض الاقتصادي نتيجة التوترات الجمركية وسياسات ترمب المالية.
BNPL… مؤشر جديد لصحة الاقتصاد الأميركي؟
بينما كانت بطاقات الائتمان تمثل المؤشر التقليدي لقياس الانضباط المالي، باتت خدمات BNPL اليوم:
أداة دقيقة لرصد الضغط المالي اللحظي الذي يعاني منه المستهلك الأميركي.
مقياسًا للسلوك الشرائي في ظل التضخم، ووسيلة لكشف الاتجاه نحو "الاقتراض لتأمين الأساسيات" بدلًا من الاستثمار في الرفاهية.
وقد يكون تزايد الاعتماد على BNPL، رغم مخاطره، إشارة على أن السوق يعيش في فقاعة إنفاق موهومة تعتمد على تمويل قصير الأجل بدلًا من نقد فعلي.
الخلاصة
ظاهرة BNPL لم تعد مجرد بديل مريح للدفع، بل أصبحت مرآة تعكس التغيرات العميقة في صحة المستهلك الأميركي. ومع تزايد الاعتماد على هذا النموذج حتى لشراء الحاجات الأساسية، وارتفاع معدلات التأخير في السداد، يبدو أن الاقتصاد الأميركي يقف على مفترق طرق بين المرونة المالية المؤقتة والانكشاف على ركود استهلاكي أوسع.
والسؤال الذي يلوح في الأفق: هل بات الأمريكي يشتري اليوم... ليواجه الأزمة غدًا؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet