لماذا تحوّل موعد "9 يوليو" الجمركي إلى بداية معركة طويلة… وما الذي يعنيه ذلك للأسواق؟
مع تصاعد التهديدات التجارية الأميركية، بدأت الأسواق تدرك أن التاسع من يوليو الذي حدده الرئيس دونالد ترمب كـ"خط أحمر" لإطلاق موجة جديدة من الرسوم الجمركية، لم يكن سوى محطة على طريق أطول مليء بالتفاوض وعدم اليقين. اليوم، ومع بدء إرسال رسائل "الرسوم الأميركية" رسميًا، اتضح للجميع أن نهاية المفاوضات لن تأتي قريبًا، وأن خريطة الاتفاقات النهائية ستبقى غامضة حتى أغسطس أو حتى عيد العمال الأميركي. فما الذي يحصل فعليًا؟ وما التأثير المتوقع لهذه الديناميكية على الأسواق العالمية؟
طفرة غير مسبوقة في عائدات الرسوم الجمركية الحكومية
قفزة هائلة في عائدات الحكومة الأميركية من الرسوم الجمركية خلال عهد ترمب، بعد سنوات من الاستقرار النسبي. يمكن ملاحظة كيف بقيت الإيرادات دون 5 مليارات دولار لمعظم السنوات منذ 1995، قبل أن تنطلق بشكل متسارع في الولاية الأولى لترمب وتصل إلى أكثر من 20 مليار دولار مع بداية الولاية الثانية. هذه الصورة تلخّص التحوّل الجذري في سياسات الإيرادات الفيدرالية، وتحول الرسوم إلى مصدر رئيسي للخزانة الأميركية.
من "9 يوليو" إلى "1 أغسطس": رسائل متواصلة وتمديدات مرنة
رغم اللهجة الحاسمة من البيت الأبيض، أصبح من الواضح أن معظم الشركاء التجاريين سيحصلون على وقت إضافي قبل دخول الرسوم حيّز التنفيذ.
وزير الخزانة سكوت بيسنت أوضح أن الرسوم "قد تعود لمستويات 2 أبريل"، لكن من المتوقع أن تبقى أمام الدول أسابيع إضافية قبل التفعيل الفعلي للرسوم في 1 أغسطس، بل وربما حتى عيد العمال إذا استمرت المفاوضات بجدية.
استراتيجية الرسائل: سيبدأ ترمب إرسال الرسائل اليوم عند الساعة 12 ظهرًا بتوقيت نيويورك، مع تأكيد الفريق الاقتصادي أن غالبية الدول ستنال المزيد من الوقت. حتى مستشار الرئيس ستيفن ميران قال صراحة: "الدول التي تتفاوض بنية صافية ستُمنح وقتًا إضافيًا."
خريطة الرسوم الجمركية مع أكبر 10 شركاء تجاريين لأميركا
كيف تتوزع معدلات الرسوم الجمركية الأميركية على أكبر عشرة شركاء تجاريين للولايات المتحدة قبيل انتهاء مهلة 9 يوليو. ويظهر في الجدول نسب الرسوم التي أعلنها الرئيس ترمب في "يوم التحرير" في أبريل، والمعدلات المتوقعة بعد يوليو، ونسبة كل شريك من إجمالي التجارة الأميركية، بالإضافة إلى أبرز ملاحظات المفاوضات الجارية مع كل دولة.
نلاحظ تفاوتًا كبيرًا في الرسوم (من 0% حتى 46% سابقًا، ومتوقع من 0% حتى 30% أو أكثر بعد يوليو)، مع استمرار الغموض حول مصير الرسوم على الاتحاد الأوروبي والهند وتايوان، بينما أبرمت اتفاقيات مبدئية مع بريطانيا وفيتنام، وتبقى المفاوضات مفتوحة مع كندا والمكسيك حتى 2026.
الأسواق تزداد مناعة… والمخاوف تتراجع
رغم حالة عدم اليقين، تشير بيانات الأسواق إلى تكيّف المستثمرين مع النمط الأميركي الجديد:
موجة تكيّف: يرى محللو Capital Economics أن الأسواق الأميركية، خاصة الأسهم والدولار، تبدو مرشحة للارتفاع مع تراجع القلق العصبي من تصريحات البيت الأبيض.
توقعات إيجابية: كتب توماس ماثيوز صباح الاثنين: "رغم حالة عدم اليقين بشأن الرسوم، نتوقع استمرار ارتفاع الأسواق الأميركية".
الأسواق لم تعد تهلع: يؤكد إدوارد يارديني، رئيس Yardeni Research، أن "كثيرًا من المستثمرين عادوا للشراء بعد أن تراجع الذعر من حرب ترمب التجارية".
المرحلة القادمة: صيف مفاوضات وصفقات مؤجلة
موسم مزدحم: ستشهد الأسابيع القادمة رسائل متلاحقة ومفاوضات ثنائية مكثفة مع الاتحاد الأوروبي، الهند، اليابان والصين. بعض الاتفاقات بات قريبًا، فيما تظل قضايا أخرى بحاجة لمزيد من الوقت.
الخط الفاصل الحقيقي: رغم كل التصريحات الحاسمة، يتوقع أن تتضح نسب الرسوم النهائية بين 1 أغسطس وعيد العمال، مع بقاء باب التمديد مفتوحًا للدول المتعاونة.
الخلاصة
تحوّل موعد "9 يوليو" من نقطة مواجهة إلى مجرد علامة فارقة في معركة تجارية طويلة مفتوحة على كل الاحتمالات. ومع ارتفاع عائدات الرسوم لمستويات تاريخية، تتعامل الأسواق مع الواقع الجديد بثبات أكبر وقلق أقل، في ظل استبعاد السيناريوهات الأكثر تشددًا في الوقت الراهن.
ورغم أن الطريق لا يزال مليئًا بالمفاجآت، إلا أن شهية المستثمرين للمخاطرة لم تتراجع، والأسواق تتكيف تدريجيًا مع ديناميكية التفاوض المفتوح.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet