الأسواق المالية: ما بين سقوط الأسد واجتماع الفيدرالي القادم
سقوط بشار الأسد: ماذا يعني ذلك للعالم؟
شهد العام الجاري العديد من المخاطر الجيوسياسية. لكن على الرغم من الصراعات في غزة وأوكرانيا، لم تتأثر أسواق النفط، واستمر زخم السوق الأمريكي. الإطاحة بحكومات قائمة أو مواجهتها صدمات قوية لم تؤثر بشكل كبير على الأسواق المالية أو الاقتصاد العالمي.
مع ذلك، فإن سقوط بشار الأسد يمثل نقطة تحول غير متوقعة. في الواقع، لم يخصص أي محلل استثماري وقتًا كبيرًا لمخاطر مثل إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية أو سقوط نظام الأسد في سوريا. لكن كلا الحدثين وقعا خلال الأسبوع الماضي.
هل يُحدث ذلك تأثيرًا على الأسواق؟
من غير المرجح أن يكون لسقوط الأسد تأثير فوري على الأسواق المالية. فسوريا دولة معزولة لا تُنتج النفط، وتُعد اقتصاديًا غير ذات أهمية. ومع أن نظام الأسد كان واحدًا من أكثر الأنظمة استبدادًا في العالم، فإن مصيره مشابه لمصير القذافي في ليبيا عام 2011، حيث أدى سقوطه إلى حالة من الفوضى. وتظهر البيانات من منصة بلومبيرغ عدد القصص التي ذكرت سوريا خلال السنوات الخمس الماضية:
الأسبوع الأخير شهد ارتفاعًا كبيرًا في التغطية الإعلامية، لكن الواقع يبقى أن سوريا لم تكن جزءًا من التكهنات الجيوسياسية المكثفة.
الاقتصاد الروسي في مأزق
لطالما اعتُبرت روسيا قوة عالمية تتحكم في الأزمات. لكن سقوط الأسد قد يثبت عكس ذلك. فالنظام السوري اعتمد بشكل كبير على الدعم الروسي، وسهولة سقوطه تشير إلى أن هذا الدعم لم يكن كافيًا. بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، يبدو أن روسيا تجد صعوبة في مساعدة حلفائها.
تشهد روسيا ضغوطًا اقتصادية متزايدة. ارتفع التضخم إلى أكثر من 8%، وبلغت معدلات الفائدة 21%. فرض العقوبات الأمريكية على البنوك الروسية زاد من ضعف الروبل، ما دفع البنك المركزي إلى اتخاذ تدابير طارئة. كما أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على 50 بنكًا روسيًا بقيادة غازبروم بنك زادت من التحديات، مما تسبب في انخفاض الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل اليورو منذ ثلاث سنوات.
ورغم إعلان البنك المركزي الروسي وقف شراء العملات الأجنبية وتخفيف متطلبات الدفع عبر غازبروم بنك، إلا أن الضغوط الاقتصادية تظل مرتفعة.
إيران: خسائر استراتيجية
من جانب آخر، تواجه إيران تداعيات كبيرة بعد خسارة نفوذها في سوريا. كانت سوريا تمثل رابطًا استراتيجيًا لإيران للوصول إلى البحر المتوسط. خسارة هذا الرابط، إلى جانب التحديات في لبنان وغزة، تضع الاستراتيجية الإيرانية في موقف صعب.
إضافة إلى ذلك، سمحت إيران في وقت سابق من هذا العام لإسرائيل بتنفيذ ضربات عميقة داخل أراضيها، وشهدت تراجعًا واضحًا لنفوذها في لبنان مع خسائر حزب الله.
انخفاض البطالة واستمرار التضخم
تقرير الوظائف لشهر نوفمبر
جاء تقرير الوظائف لشهر نوفمبر باستقرار نسبي في سوق العمل الأمريكي. أضاف الاقتصاد 227,000 وظيفة، متجاوزًا التوقعات بقليل، مع انتعاش في قطاعات الخدمات مثل الترفيه والتعليم والرعاية الصحية. ومع ذلك، لا يزال متوسط النمو في الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الماضية أقل من الأرقام القوية المسجلة سابقًا، بسبب تأثير الإضرابات العمالية والأعاصير.
معدل البطالة
ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 4.2% نتيجة عودة عدد كبير من الأشخاص إلى سوق العمل بعد فترة من التراجع، مما زاد من عدد الباحثين عن وظائف. لم يكن هؤلاء الأشخاص يُحتسبون في التقارير السابقة بسبب توقفهم عن البحث عن العمل أو خروجهم مؤقتًا من القوى العاملة. يعكس هذا التغير نشاطًا اقتصاديًا إيجابيًا حيث يُظهر ثقة الأفراد في إيجاد فرص عمل، لكنه في الوقت ذاته يرفع معدل البطالة بشكل مؤقت حتى تتمكن السوق من استيعاب الوافدين الجدد.
تأثير على الأسواق
أدى تباطؤ النمو في قطاع الخدمات إلى زيادة الإقبال على سندات الخزانة الأمريكية نظرًا لدورها كملاذ آمن في فترات عدم اليقين الاقتصادي. هذا التباطؤ، جنبًا إلى جنب مع توقعات خفض الفائدة في الاجتماع القادم للاحتياطي الفيدرالي بنسبة 85% وفقًا لبيانات cmegroup، شجع المستثمرين على التحول إلى السندات التي تُعتبر استثمارًا منخفض المخاطر. خفض الفائدة المتوقع يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات وانخفاض عوائدها، مما يجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين.
التضخم والسياسات النقدية
رغم توقعات خفض الفائدة، تبقى البيانات التضخمية عاملًا حاسمًا. إذا استمر التضخم في الارتفاع، قد يعيد الاحتياطي الفيدرالي تقييم سياساته. بيانات جامعة ميشيغان أظهرت زيادة في توقعات التضخم، مما يشير إلى تحديات محتملة في المستقبل.
[ضع هنا التشارت: أداء التضخم في نوفمبر]
تأثير محتمل على الأسهم الأمريكية
مع زيادة التوقعات بخفض الفائدة، قد تشهد الأسهم الأمريكية دعمًا إيجابيًا، خاصة في القطاعات الحساسة لأسعار الفائدة مثل التكنولوجيا والعقارات. انخفاض تكلفة الاقتراض يعزز أرباح الشركات ويزيد من جاذبية الأسهم مقارنة بالسندات. مع ذلك، إذا جاءت بيانات التضخم أعلى من المتوقع، فقد يؤدي ذلك إلى تقلبات في السوق، حيث يمكن أن تتراجع التوقعات بخفض إضافي للفائدة. يبقى المستثمرون في حالة ترقب للبيانات الاقتصادية القادمة لتحديد اتجاه الأسواق.
تأثير خفض الفائدة على الأسواق الناشئة
زيادة الرهانات على خفض الفائدة في 18 ديسمبر دفعت مؤشر العملات في الأسواق الناشئة إلى ارتفاع طفيف، مع توقع أن يسعى المستثمرون لتحقيق عوائد أعلى خارج الولايات المتحدة. مع ذلك، يبقى القرار معتمدًا على تقرير التضخم المرتقب. في حال أظهرت البيانات ارتفاعًا غير متوقع في الأسعار، قد نشهد تراجعًا في الأسواق. الاحتياطي الفيدرالي قد يتبنى نهجًا تدريجيًا في سياسته النقدية، مع تركيز على تحقيق استقرار بعيد المدى في معدلات الفائدة.
التوقعات المستقبلية
تشير التقديرات إلى نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3.3% في الربع الثالث من العام المقبل، مدعومًا بالسياسات التوسعية. مع ذلك، قد يواجه الاقتصاد تحديات من التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني نهج أكثر حذرًا.
الخلاصة
يقدم تقرير نوفمبر صورة متوازنة عن سوق العمل، حيث أظهر نموًا ملحوظًا في بعض القطاعات، لكن مع تباطؤ نسبي مقارنة بالفترات السابقة. ارتفاع معدل البطالة يعكس نشاطًا اقتصاديًا إيجابيًا بسبب زيادة القوى العاملة، لكنه يبقى تحت تأثير التحديات الاقتصادية مثل التضخم. مع توقعات خفض الفائدة، يستمر التضخم في لعب دور رئيسي في توجيه قرارات الاحتياطي الفيدرالي، مما يجعل البيانات الاقتصادية القادمة محط أنظار المستثمرين.