هل عليك انتظار الانهيار القادم لتستثمر في الأسهم؟
أم أن البقاء في السوق أفضل من محاولات توقع توقيت السوق؟
كثيراً ما نسمع المثل القائل: "البقاء في السوق أفضل من محاولة توقع توقيت السوق".
ومع ذلك، غالباً ما نخطأ في إصابة التوقيت المثالي للاستثمار في السوق، خصوصاً عندما يسجل السوق مستويات قياسية جديدة، إذ نميل إلى الانتظار حتى يحدث انهيار أو تراجع لنبدأ الاستثمار، فما الطريقة الأمثل للاستثمار؟
الاستثمار في أوقات الانهيار هو الأفضل.. ولكن!
لكي نفهم هذه القاعدة بشكل أفضل، سنعتمد على بحث أجراه موقع MARKET SENTIMENT، يهدف إلى مقارنة السيناريوهات الاستثمارية التالية لمعرفة كيف تختلف العائدات في كل منها:
الاستثمار في الوقت المثالي دائماً، أي عندما تكون الأسواق في أدنى مستوياتها خلال العام.
الاستثمار في أسوأ الأوقات دوماً، أي في ذروة السوق كل عام.
الاستثمار في تواريخ عشوائية كل عام دون النظر إلى حالة السوق.
توفير الأموال والانتظار حتى يحدث انهيار كبير للاستثمار.
لتبسيط التحليل، فلنتخيل أن شخص يُدعى مسعود بدأ الاستثمار في عام 1993، ونفترض أن مسعود لم يختر الاستثمار في أي أسهم فردية بل في مؤشر (S&P 500).
بدأ مسعود الاستثمار بمبلغ 10,000 دولار في عام 1993، وزاد استثماره بنسبة 5% سنوياً، مما يعني أن إجمالي استثمار قدره 623,000 دولار خلال 29 عاماً.
السيناريو المثالي
السيناريو المثالي (غير واقعي إلى حدٍ كبير) والذي يحقق أعلى عائد (391%) هو الاستثمار خلال الانهيارات الكبيرة فقط. و هذا السيناوريو صعب الحصول، لأن تحديد قاع السوق خلال الانهيار شديد الصعوبة. إضافة إلى ذلك، التعرف على الانهيارات نفسها قد يكون تحدياً كبيراً.
بالتالي، بينما يظهر التحليل نظرياً أن الانتظار لانهيار قد يكون أفضل من حيث العائدات، الاستثمار المستمر يبقى خياراً أفضل وأكثر عملية لمعظم الناس.
لا خسارة للمستثمر الصبور
التحليل يظهر نتائج مثيرة جداً للاهتمام، ويكشف عن صعوبة خسارة المال في السوق على المدى الطويل. حتى عندما استثمر مسعود فقط في أسوأ الأوقات سنوياً سينتهي بعائد قدره 263%. وبالطبع، لو كان مسعود يستطيع بشكل ما أن يستثمر دائماً في أدنى نقطة، فإن العائد كان سيزداد بنسبة 100% مقارنة بمن استثمر في القمة، ولكننا نعرف أن ذلك لن يكون واقعياً.
أكثر السيناريوهات واقعية هو الاستثمار بمبلغ ثابت دون التفكير في التوقيت، والذي يؤدي إلى عائد يزيد قليلاً عن 300%.
وعلى فرض أنك استطعت التنبؤ بشكل دقيق بأنهيار السوق، مثل انهيار فيروس كورونا في عام 2020، فإن تحديد نقطة الدخول الصحيحة يظل أمراً صعباً. على سبيل المثال، في بداية الانهيار، انخفض السوق بنسبة 15% بحلول 6 مارس، ثم تراجع بنسبة 10% أخرى بحلول 13 مارس، و10% أخرى بحلول 20 مارس، ليصل إجمالي الانخفاض إلى 35%. إذا لم تدخل السوق في القاع بالضبط، فهناك احتمال أن تخسر جزءاً كبيراً من استثمارك بدون الحصول على أي منافع من الارتفاعات اللاحقة.

إن فكرة أن تكون الشخص الذي يمكنه التنبؤ بالانهيار بشكل صحيح والدخول في القاع تماماً فكرة جذابة ومغرية جدًا جدًا، فالأرباح التي يمكنك أن تحققها قد تصنع لك ثروة في سنوات قليلة. ولكن الحقيقة تقول أنه وفي العشرين عاماً الماضية، وقعت 70% من أفضل الأيام في السوق خلال الـ 14 يوماً التالية لأسوأ الأيام. وإذا فاتتك أي من هذه الأيام في انتظار النقطة المثالية للدخول، فإن عوائدك ستكون أقل بكثير مما لو كنت قد استمريت في الاستثمار بانتظام.

إن تقدير الوقت المثالي للشراء خلال انخفاض السوق يتطلب دقة لا تتوفر إلا لقلة من الناس، وحتى هؤلاء قد يخطئون في تقديراتهم. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب تحقيق النجاح في مثل هذه الاستراتيجية مستوى عالٍ من الانضباط العاطفي والصبر، وهو ما يصعب على الكثيرين الحفاظ عليه خلال فترات التقلبات الشديدة في السوق.
بالإضافة إلى ذلك، حتى إذا نجح المرء في دخول السوق في النقطة المنخفضة، فإن الضغوط النفسية لرؤية التقلبات اللاحقة والانخفاضات المحتملة يمكن أن تؤدي إلى قرارات استثمارية متسرعة وغير مدروسة. يجد العديد من المستثمرين أنه من الصعب البقاء في السوق خلال الأوقات الصعبة، مما يقلل من فعالية أي استراتيجية طويلة الأجل.
الخلاصة
الخلاصة هي أن الاستثمار المستمر والمنتظم في السوق، دون محاولة لتوقع أفضل وأسوأ الأوقات للشراء والبيع، يظل أفضل استراتيجية لمعظم المستثمرين. تقلل هذه الطريقة من التعرض للأخطاء الشخصية في الحكم وتقلبات السوق، وتساعد على تحقيق النمو المستدام على المدى الطويل. هذا لا يعني أن الفرص الاستثمارية خلال الانهيارات يجب أن تُهمل، ولكن يجب التعامل معها بحذر وفي إطار استراتيجية مالية متوازنة ومدروسة جيدًا.
شارك هذا المقال لنشر المعرفة المالية:
لا تفوت المقالات القادمة، اشترك في النشرة وسيصلك كل جديد على إيميلك مباشرة:
شاركنا مقترحاتك ورأيك: