رهانات تجارية خطيرة... والمستهلك الأميركي الخاسر الأكبر
بينما يصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب كلمة "رسوم" بأنها "أجمل كلمة يعرفها"، يبدو أن المستهلكين الأميركيين يتمنون لو تُمحى من القاموس الاقتصادي. فوسط تصاعد المخاوف من ارتفاع الأسعار ونقص السلع، أصبحت الرسوم الجمركية العامل الأبرز في تشكيل المزاج الاقتصادي للأميركيين — مما يُنذر بصيف ساخن قد يُغيّر وجه الاقتصاد الأميركي.
تراجع حاد بثقة المستهلكين: أدنى مستوى منذ 2022
سجل مؤشر ثقة المستهلكين الصادر عن جامعة ميشيغان لشهر أبريل تراجعًا حادًا إلى أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2022، حينما كانت ذروة التضخم تضرب عهد الرئيس جو بايدن.
"تهاوي مؤشر ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى منذ يونيو 2022"
رغم أن معدلات التضخم الحالية أقل — إذ بلغ التضخم 2.4% في مارس — فإن قلق المستهلكين لا ينبع من الوضع الراهن بقدر ما يعكس مخاوفهم من تداعيات الرسوم الجمركية المتصاعدة.
الرسوم الجمركية تقفز إلى أعلى مستوى منذ قرن
في خطوة تاريخية، رفعت إدارة ترمب المعدل الفعلي للرسوم الجمركية إلى 27% على واردات بقيمة 3 تريليونات دولار — ارتفاعًا من 2.5% فقط عندما تولى الرئاسة.
"الرسوم الجمركية الأميركية تصل إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 100 عام تحت إدارة ترمب"
إذا استمرت معدلات الاستيراد الحالية، فإن هذه الرسوم تمثل زيادة ضريبية تفوق 700 مليار دولار، يتحملها المستهلكون الأميركيون والشركات المحلية في نهاية المطاف.
ماذا ينتظر الأميركيين؟
تُفرض رسوم تبلغ 145% على الواردات الصينية، مما أدى إلى عزوف العديد من السفن التجارية عن الرسو في الموانئ الأميركية.
النتيجة المتوقعة؟
نقص محتمل في الملابس، الإلكترونيات، الأدوية، وسلع استهلاكية أخرى مع حلول الصيف أو الخريف.
ارتفاع متسارع في الأسعار عبر قطاعات رئيسية.
بحسب مسح ميشيغان، يتوقع الأميركيون أن يصل معدل التضخم خلال عام إلى 6.5% — أعلى مستوى منذ 1981.
رغم أن الاقتصاديين يتوقعون ذروة تضخم أقل — بين 4% و5% — إلا أنهم يحذرون من أن استمرار التصعيد الجمركي قد يُضعف النمو ويزيد احتمالات الركود الاقتصادي.
لماذا يواصل ترمب هذا المسار رغم المخاطر؟
على الرغم من التحذيرات، يتمسك الرئيس ترمب بإيمانه بأن الرسوم الجمركية قادرة على إعادة إحياء التصنيع الأميركي، حتى لو كان الثمن باهظًا على المستهلكين والشركات.
في مقابلة مع مجلة Time، صرح ترمب:
"فرض ضرائب تصل إلى 30% أو حتى 50% على الواردات سيكون بمثابة نصر كامل للاقتصاد الأميركي."
غير أن الواقع الاقتصادي يُشير إلى أن الرسوم الجمركية تُشكل ضريبة غير مباشرة يتحملها الأميركيون أنفسهم، وليس الشركاء التجاريون.
الأسواق ترتفع... ولكن بحذر
رغم المخاوف الاقتصادية المتزايدة، ارتفعت الأسواق المالية الأميركية بأكثر من 5% خلال الأسبوع المنتهي في 25 أبريل، مدفوعة بآمال انفراجات في المفاوضات التجارية العالمية.
لكن، ورغم الارتفاعات، لا تزال ثقة المستهلكين ضعيفة — حيث باتت كلمة "رسوم" مرادفًا للغلاء والركود الوشيك في أذهان الأميركيين.
الخلاصة
بينما تراهن الإدارة الأميركية على الرسوم الجمركية كوسيلة لإعادة تشكيل الاقتصاد، تُحذر المؤشرات الاقتصادية — من ثقة المستهلك إلى توقعات التضخم — من أن هذا المسار قد يُكلف الاقتصاد الأميركي غاليًا.
وفي ظل تصاعد الضغوط على الأسر والشركات، تبدو معركة الرسوم كاختبار حقيقي لقدرة السوق الأميركية على الصمود أمام أعنف موجة حمائية منذ قرن.
📩 لا تفوّت تحليلاتنا حول الأسواق والاقتصاد والسياسات التجارية عبر نشرة "مركب"!
اشترك الآن لتصلك الأخبار والفرص الاستثمارية إلى بريدك الإلكتروني.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet