الأسهم تتراجع بعنف... والسندات تُعيد شبح الدين إلى الواجهة
في مشهد ينذر بعودة شبح "أزمة الدين"، شهدت الأسواق الأميركية يوم الأربعاء 21 مايو 2025، تراجعًا حادًا على وقع تصاعد المخاوف من ارتفاع العجز الفيدرالي ونتائج مخيبة لمزاد سندات الخزانة الأميركية. فهل نحن أمام موجة تصحيح كبرى أم مجرد تذبذب مرحلي في ظل اضطرابات السياسات المالية؟
نزيف جماعي في المؤشرات... و"راسل" الأكثر تضررًا
شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية هبوطًا جماعيًا، بعد أن جاءت نتائج مزاد سندات الخزانة لأجل 20 عامًا أضعف من المتوقع، ما دفع العوائد للارتفاع وأثار ذعر المستثمرين:
S&P 500 خسر 1.6% ليستقر عند 5,844.61 نقطة.
Dow Jones هوى 1.9% أو 816.80 نقطة إلى 41,860.44 نقطة.
Nasdaq تراجع 1.4% إلى 18,872.64 نقطة.
Russell 2000 انخفض بنسبة 2.8% إلى 2,046.56 نقطة، ليكون الأكثر تضررًا بين المؤشرات.
وتزامنت هذه الخسائر مع تقلبات حادة بدأت بعد الظهيرة، ما يعكس حساسية السوق تجاه إشارات الدين والعائد.
الخسائر الأسبوعية تتراكم... والأسهم الصغيرة تُعاني
رغم افتتاح الأسبوع على تفاؤل مدفوع ببعض الأخبار التجارية الإيجابية، إلا أن المزاج العام عاد ليتحول إلى حذر شديد:
S&P 500: -1.9%.
Dow Jones: -1.9%.
Nasdaq: -1.8%.
Russell 2000: -3.2%.
ويُشير الأداء الضعيف لـRussell 2000 إلى قلق متزايد لدى المستثمرين بشأن الشركات الصغيرة، التي عادةً ما تكون الأكثر تأثرًا بتكاليف الاقتراض والضغط المالي.
منذ بداية 2025: صمود نسبي رغم الضغوط
رغم كل التذبذبات، لا تزال الأسواق الرئيسية قريبة من مستوياتها منذ بداية العام:
S&P 500: -0.6%.
Dow Jones: -1.6%.
Nasdaq: -2.3%.
Russell 2000: -8.2%.
الفارق الكبير في أداء Russell 2000 يعكس هشاشة أسهم الشركات الصغيرة أمام الضغوط النقدية والمالية.
مزاد سندات العشرين عامًا... القشة التي قصمت ظهر السوق
السبب الفوري لهذا الهبوط جاء من مزاد سندات الخزانة لأجل 20 عامًا، والذي كشف عن ضعف في الطلب وارتفاع في العوائد، ما يُعد إشارة تحذير حادة من المستثمرين تجاه الوضع المالي الأميركي.
ارتفاع العوائد يعني ارتفاع تكلفة التمويل على الحكومة، وهو ما يُعيد إلى الواجهة المخاوف من حلقة ديون تضخمية قد تُقيّد قدرة الفيدرالي على خفض الفائدة لاحقًا، وتُضعف تقييمات الأسهم.
مشروع ترمب الضريبي يُشعل القلق
في الخلفية، يواصل مشروع ترمب الاقتصادي الضخم ("big beautiful bill") إثارة القلق في الأسواق، خاصة مع ما يتضمنه من:
تخفيضات ضريبية جديدة تزيد من العجز.
نفقات توسعية محتملة دون موازاة إيرادية.
وبحسب تقديرات مؤسسة Penn Wharton Budget Model، قد يؤدي هذا المشروع إلى زيادة العجز الأولي بنحو 3.3 تريليون دولار خلال عقد، وهي أرقام تُقلق الصقور الماليين وتضغط على أسواق السندات.
تراجع الرسوم الجمركية... وانخفاض الإيرادات
تزامن هذا التوتر مع موجة تخفيضات جمركية أعلنت عنها إدارة ترمب مؤخرًا ضمن اتفاقات "تحرير التجارة"، ما أدى إلى:
تراجع إيرادات الرسوم الجمركية.
ضغط إضافي على الخزانة الأميركية.
تشكيك المستثمرين بقدرة الحكومة على ضبط الإنفاق.
ومع استمرار تضخم الحزمة المالية، يزداد القلق من أن تفقد الأسواق ثقتها في المسار المالي للولايات المتحدة، ما يدفع العوائد للارتفاع والتقييمات للانخفاض.
الخلاصة
ما جرى في جلسة الأربعاء ليس مجرد تصحيح فني، بل هو تحذير صريح من أسواق السندات بشأن مستقبل السياسة المالية الأميركية. العجز يتضخم، الديون ترتفع، وعوائد السندات تُربك تقييمات الأسهم.
وفي ظل غياب وضوح في خفض الفائدة، وتزايد التوترات السياسية حول الضرائب والإنفاق، يبدو أن الأسواق دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا، حيث ثقة المستثمر باتت تُشترى بسندات لا بروح التفاؤل فقط.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet