السندات ليست مملة كما تظن... تجاهلها اليوم قد يكلفك كثيرًا
في عالم يتصدر فيه عمالقة التكنولوجيا المشهد، وتخطف العملات الرقمية الأضواء، وتتصدر الأسهم الرابحة عناوين الأخبار، قد تبدو سوق السندات الأميركية كأنها الوجبة الصحية التي لا يُقبل عليها أحد. ومع تدفق الملايين إلى البورصة بفضل تطبيقات التداول وطفرة التحفيز خلال الجائحة، انشغل الجميع بمؤشرات الأسهم القياسية وغاب عنهم دور السندات الحيوي—رغم أنها اليوم تمسك بزمام المخاطر والاستقرار في الأسواق المالية.
لماذا عادت السندات إلى قلب النقاش الاقتصادي؟
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت المخاوف من سوق السندات الأميركية بشكل لافت.
ارتفاع عائدات السندات الحكومية (Treasuries) أصبح إشارة تحذير صريحة من مخاطر متزايدة—سواء بفعل تقلبات السياسة التجارية أو تصاعد القلق من اتساع الدين الأميركي.
مع تسارع بيع السندات، ترتفع العوائد، في إشارة مباشرة إلى تخوف المستثمرين من شراء ديون الحكومة.
تأثيرات تتجاوز سوق المال:
ارتفاع العوائد يعني ارتفاع معدلات الرهن العقاري
زيادة تكلفة قروض الأعمال
تباطؤ النشاط الاقتصادي
ضغط سلبي على سوق الأسهم
حتى الحكومات نفسها تجد صعوبة في التمويل إذا ارتفعت التكاليف أكثر من اللازم.
تقرير مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) أشار إلى أن قانون ترمب الضريبي الأخير قد يرفع العجز الأميركي بـ2.4 تريليون دولار خلال العقد القادم، ما يعزز مخاوف الأسواق من أزمة تمويل أو حتى خطر التخلف عن السداد.
لماذا عليك مراقبة سوق السندات حتى لو لم تكن تملكها؟
تاريخيًا، كانت السندات الأميركية "الركن الآمن" للمحافظ الاستثمارية، توفر التوازن أمام تقلبات الأسهم.
اليوم، مع اشتداد تقلبات السوق، أصبحت جاذبية السندات كملاذ آمن موضوعًا للنقاش والجدل.
تقول كاثي جونز، كبيرة خبراء الدخل الثابت في Schwab:
"عائدات السندات—وبخاصة عوائد الخزينة الأميركية—تعكس تكلفة تمويل الحكومات. كلما ارتفعت العوائد، ارتفعت تكلفة الإنفاق الحكومي، والعكس صحيح."
متغيرات متناقضة تربك الأسواق
السياسة المالية في الولايات المتحدة توسعية: مزيد من الإنفاق الحكومي رغم استمرار التضخم ونمو اقتصادي قوي.
سياسات الرسوم الجمركية وتقييد الهجرة تزيد الضبابية، وتضغط على النمو، مع تطبيقات متذبذبة تربك المستثمرين.
في هذا المناخ، أصبح سوق السندات "عالقًا" بين هذه المتغيرات، وكلما طالت حالة التناقض زاد الترقب والتقلب في المزاج الاستثماري.
الخلاصة
سوق السندات لم تعد مجرد ركن هادئ في الأسواق المالية—بل أصبحت المؤشر الأساسي لفهم اتجاه الاقتصاد العالمي.
ارتفاع العائدات وتغير شهية المستثمرين تجاه الديون الحكومية ليست تفاصيل فنية عابرة، بل إشارات جوهرية تتحكم في تكلفة القروض، مسار الأسهم، وقدرة الحكومات على التمويل—بل واستقرار النظام المالي بأكمله.
ربما حان الوقت لكل مستثمر أن يمنح "الخضار" المالي وزنه الحقيقي قبل أن يدرك متأخرًا أن الصحة الاستثمارية تبدأ من أساسيات السوق.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet