الذهب أم السلع الأساسية: من الأفضل في مواجهة التضخم؟
كلاهما له دور في مواجهة التضخم، لكن البيانات التاريخية تكشف فائزًا أكثر موثوقية.
📅 10 يونيو 2025
🧠 تحرير مركب
لطالما حظي الذهب بسمعة راسخة كأداة لحماية الثروة في وجه التضخم. يروي المستثمرون قصة متكررة مفادها أن "أونصة ذهب واحدة كانت دائمًا تشتري بدلة رجالية فاخرة"، كدلالة رمزية على حفاظه على القوة الشرائية عبر الزمن.
هذه السمعة، إضافة إلى موجة شراء مكثفة من قبل البنوك المركزية، ومخاوف جيوسياسية متصاعدة، ساهمت جميعًا في دفع أسعار الذهب إلى الأعلى مؤخرًا. لكن السؤال الأهم: هل الذهب هو فعلاً الخيار الأفضل عندما يتعلق الأمر بالتحوط من التضخم؟
الذهب تحت المجهر: أداء متباين عبر العقود
بالرغم من الروايات المتكررة، يكشف التاريخ أن أداء الذهب خلال فترات التضخم المرتفع كان مختلطًا. ففي حين حقق مكاسب قوية خلال سبعينيات القرن الماضي وفي فترات ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية بين 2007 و2008، إلا أنه تخلف عن السلع الأساسية في فترات أخرى مثل أواخر الثمانينيات وموجة التضخم الأخيرة بين 2021 و2023، حيث جاء الذهب خلف مؤشر السلع بنحو 13 نقطة مئوية.
السلع الأساسية: استجابة مباشرة للتضخم
السلع الأساسية—مثل النفط والغاز والقمح والذرة—تمثل مكونات مباشرة في مؤشر أسعار المستهلك. ومع ارتفاع هذه الأسعار، ترتفع معدلات التضخم، وبالتالي يكون هناك ارتباط عضوي بين السلع والتضخم.
هذا الارتباط يجعل السلع أكثر اتساقًا في أدائها كمتحوط من التضخم، إذ استفادت في كل فترات التضخم الخمسة التي تم تحليلها في البيانات، مقابل تراجع الذهب في اثنتين منها.
لماذا يتخلف الذهب أحيانًا؟
على عكس السلع، يتأثر الذهب بعوامل متعددة لا ترتبط دائمًا بالتضخم:
سياسات البنوك المركزية
أسعار الفائدة الحقيقية
التوترات الجيوسياسية
تغيرات في إنتاج المناجم أو عمليات إعادة التدوير
وفي حالات ارتفاع العوائد الحقيقية على السندات، كما حدث في الثمانينيات، يصبح الذهب أقل جاذبية لأنه لا يدرّ دخلًا، ما يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازته.
نقطة إضافية: هل يمكن الجمع بين الاثنين؟
العديد من صناديق السلع الشاملة، مثل مؤشر بلومبرغ للسلع، تخصص حوالي 14٪ من وزنها للذهب. أي أن المستثمر الذي يملك صندوقًا سلعيًا قد يكون لديه تعرض غير مباشر للذهب بالفعل.
ماذا عن الأسهم؟
رغم قدرتها الجزئية على مقاومة التضخم، إلا أن كلًا من الذهب والسلع تخلفا بشكل واضح عن أداء الأسهم على المدى الطويل. كما أن تقلباتهما المرتفعة وعوائدها المعدلة للمخاطر تجعل الاعتماد عليهما كعنصر أساسي في المحفظة أمرًا غير محبذ بالنسبة للمستثمر طويل الأجل.
هذا الرسم البياني يوضح مقارنة بين الأداء التراكمي لكل من الذهب، التضخم (CPI)، مؤشر S&P 500، والسلع الأساسية على مدى الـ50 عامًا الماضية (1975–2025)، بعد تحويل كل سلسلة إلى قاعدة 100 في بداية الفترة. وكما يظهر:
S&P 500 تفوق بشكل واضح على المدى الطويل.
الذهب كان متقلبًا لكنه حافظ على بعض القوة الشرائية.
السلع الأساسية شهدت فترات من الازدهار والانكماش لكنها قدمت تحوطًا جيدًا ضد التضخم في عدة مراحل.
التضخم (CPI) ارتفع بوتيرة مستقرة نسبيًا.
الخلاصة: السلع تتفوق في معركة التضخم
إذا كان الهدف الأساسي هو التحوط ضد التضخم، فإن السلع الأساسية تقدم أداءً أكثر اتساقًا وارتباطًا مباشرًا بمؤشرات الأسعار، ما يجعلها الخيار الأرجح بالمقارنة مع الذهب.
ومع ذلك، تبقى التوصية الجوهرية كما هي: يجب أن تشكل هذه الأصول جزءًا صغيرًا فقط من المحفظة المتنوعة، وضمن استراتيجية واضحة تأخذ في الاعتبار تقلبات السوق وتغيرات الدورة الاقتصادية.