تدخل معركة الرسوم الجمركية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحلة مفصلية مع اقترابها من أروقة المحكمة العليا. في ظل تصاعد الجدل حول صلاحيات الرئيس في فرض رسوم جمركية عالمية، يبرز "مبدأ الأسئلة الكبرى" كحاجز قانوني قد يعيد رسم حدود السلطة التنفيذية، ويهدد بإعادة ترتيب أولويات السياسات الاقتصادية الأميركية. فهل تمنح المحكمة العليا ترمب الضوء الأخضر للاستمرار في استراتيجيته التصعيدية، أم تضع حدًا لسلطاته؟
ما هو "مبدأ الأسئلة الكبرى" ولماذا يقلق الإدارة الأميركية؟
خلال السنوات الأخيرة، رسخت المحكمة العليا الأميركية، ذات الغالبية المحافظة والمدعومة من ترمب نفسه، ما يُعرف بـ"مبدأ الأسئلة الكبرى".
هذا المبدأ ينص على أنه إذا كان لقرار حكومي أثر اقتصادي أو سياسي ضخم، يجب أن يكون هناك تفويض صريح وواضح من الكونغرس—not مجرد اجتهاد تنفيذي أو قرار من وكالة فيدرالية.
استخدمت المحكمة العليا هذا المبدأ لإبطال سياسات كبرى أقرها الرئيس بايدن، شملت:
قضية وكالة حماية البيئة (2022): ألغت المحكمة محاولات بايدن للحد من انبعاثات الكربون لعدم وجود إذن صريح من الكونغرس.
قضية ديون الطلاب (2023): رفضت المحكمة خطة إلغاء 400 مليار دولار من الديون لغياب التفويض التشريعي.
هل يسري المبدأ على رسوم ترمب الجمركية؟
دخلت المواجهة مرحلة جديدة الأسبوع الماضي بعد أن ألغت محكمة التجارة الدولية عددًا من رسوم ترمب، بينما سمحت محكمة الاستئناف الفيدرالية باستمرار العمل بالرسوم مؤقتًا حتى البت النهائي في القضية.
التحدي الرئيسي:
هل يملك الرئيس الأميركي السلطة القانونية لفرض رسوم جمركية ضخمة بهذه الطريقة، فقط استنادًا إلى إعلان حالة "طوارئ وطنية" دون إذن صريح من الكونغرس؟
حجة البيت الأبيض:
تؤكد الإدارة أن المبدأ لا ينطبق على قضايا الأمن القومي، حيث يتمتع الرئيس بصلاحيات واسعة.
كما تدعي أن "الأسئلة الكبرى" تستهدف قرارات الوكالات وليس الرئيس مباشرة.
لكن معارضي الرسوم يرون أن استخدام قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977 (IEEPA) لفرض رسوم جمركية بهذا الحجم يشكل سابقة خطيرة، خاصة وأن القانون لم يُستخدم سابقًا بهذه الطريقة.
خبراء القانون: اختبار حقيقي لحدود السلطة التنفيذية
يعتبر أستاذ القانون الدستوري في جامعة كاليفورنيا، آرون تانغ، أن قضية ترمب هي الحالة المثالية لتطبيق مبدأ الأسئلة الكبرى:
"لم يُستخدم قانون IEEPA لفرض رسوم جمركية من قبل. إذا كان لهذا المبدأ معنى حقيقي، فيجب تطبيقه هنا، بغض النظر عن هوية الرئيس."
ويضيف تانغ:
إذا قررت المحكمة العليا دعم ترمب، فعليها تقديم تفسير واضح لاستثنائه من المبدأ، أو إثبات وجود تفويض صريح.
خاصة أن الأثر الاقتصادي لرسوم ترمب يفوق بكثير السياسات التي رفضتها المحكمة سابقًا.
ماذا تعني هذه المواجهة للأسواق والمستثمرين؟
أي قرار من المحكمة العليا سيضع سابقة قانونية غير مسبوقة ستحدد مستقبل صلاحيات الرئيس الأميركي في السياسات التجارية والاقتصادية.
استمرار الرسوم يهدد بمزيد من الضغوط على الأسعار وسلاسل التوريد العالمية.
في حال رفضت المحكمة العليا هذه السلطات، قد يشهد السوق تراجعًا حادًا في بعض الرسوم، ما يعيد رسم خارطة العلاقات التجارية بين أميركا والصين والمكسيك وكندا.
الخلاصة
تقف الرسوم الجمركية عند مفترق طرق تاريخي في المحكمة العليا الأميركية. فإذا قررت المحكمة تطبيق "مبدأ الأسئلة الكبرى" بصرامة، ستحدّ من قدرة أي رئيس مستقبلي على فرض رسوم ضخمة دون موافقة تشريعية، مما قد يُغيّر توازن القوى بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة. أمّا إذا استثنت المحكمة الرئيس من هذه القاعدة، فقد نكون أمام عهد جديد من السياسات التجارية الرئاسية المطلقة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet