بعد سنوات من الاضطرابات في سلاسل التوريد بسبب أزمة الرقائق وجائحة كورونا، يواجه قطاع السيارات العالمي اليوم أخطر اختبار له منذ سنوات: أزمة معادن الأرض النادرة. هذه المواد التي لا غنى عنها في صناعة السيارات التقليدية والكهربائية باتت اليوم أداة ضغط استراتيجي بيد الصين، التي تسيطر شبه الكامل على إنتاجها وتكريرها. فهل تدخل الأسواق مرحلة "غرفة الطوارئ"؟ وأين تقف شركات السيارات من خطر إغلاق خطوط الإنتاج خلال أسابيع؟
خريطة احتياطيات معادن الأرض النادرة عالميًا
تُبرز الخريطة حجم الاحتياطيات في الدول الكبرى، مع تفوّق ساحق للصين مقارنة بباقي الدول مثل البرازيل، الهند، أستراليا، الولايات المتحدة، وروسيا.
"الصين تتصدر احتياطيات معادن الأرض النادرة حول العالم. الخريطة تُظهر الفارق الكبير في حجم الاحتياطيات لصالح الصين، ما يرسّخ هيمنتها على سلاسل التوريد الحيوية لقطاع السيارات."
ذعر عالمي في شركات السيارات: ناقوس الخطر يدق بقوة
تصريحات مباشرة: يقول فرانك إيكارد، الرئيس التنفيذي لشركة Magnosphere الألمانية، إن القطاع يعيش "ذعرًا حقيقيًا"، مع اتصالات عاجلة من شركات سيارات ومورّدين يبحثون عن أي مصدر بديل للمغناطيسات.
أثر فوري: بعض مصانع أوروبا أغلقت أبوابها بالفعل، وهناك شركات تستعد لتوقف كامل للإنتاج منتصف يوليو إذا لم تظهر حلول عاجلة.
العقدة البيروقراطية: مصير الإنتاج العالمي اليوم في يد عدد قليل من الموظفين الصينيين المخولين بالموافقة على تصدير المغناطيسات الحرجة.
جذور الأزمة: هيمنة الصين الساحقة بالأرقام
إنتاج المناجم: الصين مسؤولة عن 70% من إنتاج مناجم الأرض النادرة عالميًا.
التكرير والصناعة: تكرّر 85% من هذه المعادن، وتنتج 90% من السبائك والمغناطيسات.
استخدامات لا غنى عنها: السيارة الكهربائية الواحدة تستهلك نصف كيلوغرام تقريبًا من عناصر الأرض النادرة—أي ضعف استهلاك السيارة التقليدية، ما يضاعف أثر الأزمة.
دروس الماضي… ونقص الاستعداد
تكرار الأخطاء: رغم أزمات الرقائق وكورونا، لا تزال معظم الشركات بلا مخزونات استراتيجية كافية، وما زال اعتمادها على الصين شبه كامل.
بدائل بطيئة: حلول المغناطيسات الخالية من الأرض النادرة لا تزال في طور التجربة ولن تتوفر تجاريًا قبل سنوات.
محاولات فك الارتباط: بطيئة ومكلفة
محركات جديدة: شركات كبرى مثل GM وBMW تدرس تصنيع محركات لا تعتمد على هذه المعادن.
ابتكار ناشئ: شركات ناشئة مثل Niron تطوّر مغناطيسات جديدة، لكن الطريق طويل أمامها.
مشاريع أوروبية: الاتحاد الأوروبي أطلق مبادرات إنتاج محلي، لكن التنفيذ بطيء جدًا. شركات إعادة التدوير تعمل بطاقة 1% فقط من قدرتها الإنتاجية!
منافسة الأسعار الصينية: أي بديل يواجه منافسة صينية شرسة في السعر والسرعة.
استراتيجيات الطوارئ قصيرة المدى
تكديس المخزونات: بعض الشركات تلجأ لبناء احتياطي استراتيجي مؤقت.
إنتاج ناقص: إنتاج سيارات من دون بعض المكونات، وإكمال التجميع لاحقًا بعد توفر القطع.
مفاوضات شاقة: الاعتماد على موافقات تصدير صينية متغيرة ومرتبطة ببيروقراطية معقدة.
الخلاصة
قطاع السيارات العالمي يواجه اليوم "رصاصة تحذيرية" جديدة مع أزمة معادن الأرض النادرة. مع كل محاولة لفك الارتباط عن الصين، يتبين مدى التشابك والاعتمادية العميقة التي بنتها الشركات خلال عقود. هذه الأزمة ستفرض إعادة رسم خريطة التوريد والاستثمار عالمياً، وستدفع نحو تسريع الابتكار في بدائل المغناطيسات والمعادن الاستراتيجية—لكن الطريق طويل ومكلف.