بين الطموح السياسي والواقع المالي... خطة ترمب تواجه أولى معاركها في سوق الدين
في الوقت الذي يحتفل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإقرار مشروعه التشريعي الذي وصفه بـ"الفاتورة الجميلة"، أطلقت الأسواق المالية جرس إنذار مبكر. ارتفاع عوائد السندات، وتراجع الطلب في مزادات الدين الأخيرة، يشيران بوضوح إلى أن المستثمرين غير مقتنعين بإمكانية تمويل هذا المشروع الضخم دون تكاليف فادحة.
مشروع ضخم... وتشريعات مثيرة للجدل
أُقرّ مشروع ترمب بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب، بعد مفاوضات مكثفة وتنازلات مدروسة، أبرزها:
رفع خصم SALT إلى 40 ألف دولار.
إعفاءات ضريبية جديدة تشمل:
العمل الإضافي والبقشيش.
فوائد قروض السيارات.
توسعة الائتمان الضريبي للأطفال.
حسابات "ترمب" الادخارية للأطفال.
المخطط يوضح تكلفة الخطة (3.775 تريليون دولار) مقابل التوفير، ما يؤدي إلى عجز جديد يفوق 3 تريليونات دولار خلال العقد.
المستفيدون الحقيقيون: من يربح من الخطة؟
رغم الوعود بأن القانون "يُعيد المال إلى جيوب الأسر الأميركية"، تكشف البيانات أن أكبر الفوائد تذهب للطبقات الأعلى دخلًا:
الفئة الأعلى دخلًا: زيادة 3.7% في الدخل بعد الضريبة.
الفئة الأدنى دخلًا: زيادة 0.6% فقط.
توزيع المكاسب الضريبية، مع استفادة واضحة للفئات الغنية.
الأسواق تتفاعل بقوة... والسندات تنفجر
مع تمرير القانون، قفزت عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عامًا فوق 5%، ما يعكس قلقًا متزايدًا من تزايد العجز وانفلات الدين العام.
يُعلّق جورج كاترنبون من DWS:
"هل ستقرض الحكومة الأميركية أموالك مقابل 5% لـ30 عامًا؟ هذا هو التحدي الأكبر أمام واشنطن الآن."
وكالات التصنيف تحذّر... والعجز إلى مستويات تاريخية
موديز انضمت إلى ستاندرد آند بورز وفيتش في تحذيراتها، مشيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد قادرًا على تعويض الارتفاع غير المسبوق في العجز.
نسبة الدين إلى الناتج المحلي كانت ستبلغ ذروتها بـ2029.
الآن؟ مرشحة لتجاوز 134% خلال عقد.
"حسابات ترمب" تثير الجدل
من البنود الأكثر إثارة، إنشاء حسابات ادخار باسم "حسابات ترمب" لكل طفل بمساهمة أولية قدرها 1000 دولار.
لكن خبراء يرون أنها لا تضاهي فعالية الحسابات التعليمية 529 من حيث المزايا الضريبية طويلة الأجل، مما يضعف جاذبيتها الحقيقية.
مجلس الشيوخ: المعركة القادمة
رغم تمريره في مجلس النواب، يواجه القانون عقبات محتملة في مجلس الشيوخ:
مطالب بتعديل التخفيضات لجعلها أكثر استدامة.
بند يُعلّق تنظيم الذكاء الاصطناعي على مستوى الولايات لمدة 10 سنوات أثار رفضًا بين الجمهوريين الوسطيين.
الخلاصة
مشروع "الفاتورة الجميلة" لترمب يعيد صياغة السياسة الضريبية الأميركية، لكنه يفعل ذلك بثمن باهظ من حيث العجز، والتصنيف الائتماني، وثقة المستثمرين. وبينما يحتفل الجمهوريون بـ"نصر تشريعي تاريخي"، تُرسل الأسواق إشارة عكسية تمامًا: هل تستطيع الولايات المتحدة تمويل هذا الحلم السياسي... أم أن "الجمال" قد يُكلّفها مستقبلًا باهظًا؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet