ترمب يوقّع اتفاق تجارة تاريخي مع الصين… وهدنة رسوم تُغيّر مسار التوترات العالمية
بعد أشهر من التصعيد الجمركي والتهديدات المتبادلة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن توقيع اتفاق تجارة رسمي مع الصين، ينهي مرحلة من الغموض ويعيد رسم قواعد اللعبة بين أكبر اقتصادين في العالم. الاتفاق الذي وُصف بأنه نقطة تحوّل في المشهد التجاري العالمي، يأتي وسط حديث عن موجة جديدة من الاتفاقات مع شركاء أساسيين، في ظل ترقب حذر لتأثير الرسوم على الأسواق والنمو الاقتصادي.
هدنة الرسوم الأميركية - الصينية: هل تغيرت قواعد الاشتباك؟
خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، قال ترمب: "لقد وقعنا مع الصين بالأمس".
ورغم غياب التفاصيل الدقيقة، أكدت الإدارة الأميركية أن الاتفاق يجسّد التفاهم الذي تم التوصل إليه في جنيف، ويؤسس لوقف تصعيد الرسوم مقابل التزامات متبادلة بشأن الصادرات والاستيراد.
انخفض متوسط معدل الرسوم الجمركية الفعلية على الواردات الأميركية بعد الاتفاق مع الصين، مقارنةً بذروة التصعيد في السنوات الماضية. هذا التراجع يعكس الأثر المباشر للاتفاق في تهدئة الحرب التجارية وخفض التكاليف على المستهلكين والشركات عالميًا.
من جنيف إلى واشنطن… مسار التفاوض وتنازلات متبادلة
استند الاتفاق إلى الإطار الذي جرى التفاهم عليه في جنيف بين المفاوضين الأميركيين والصينيين، قبل أن تتم صياغته رسميًا.
على مدى 90 يومًا سبقت الاتفاق، وافق الطرفان على تخفيض مؤقت للرسوم لحين الوصول لصيغة نهائية.
من أبرز البنود: التزام الصين بتصدير المعادن النادرة للولايات المتحدة مقابل تخفيف الإجراءات الأميركية.
وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك أكدا أن الاتفاق يتضمن ترتيبات خاصة بالصادرات الأميركية وإعادة ضبط قيود التصدير مع الصين.
ضغط متزايد على الشركاء التجاريين… صفقات مرتقبة في الأفق
لم تقتصر التغييرات على الصين؛ إذ يسعى ترمب لإبرام اتفاقات مماثلة مع المملكة المتحدة، كندا، الهند، والاتحاد الأوروبي قبل الموعد النهائي لرفع الرسوم في 9 يوليو.
مع كندا، هددت حكومة مارك كارني برفع الرسوم على الصلب والألمنيوم الأميركي نهاية يوليو إذا لم يتم التوصل لاتفاق.
الاتحاد الأوروبي أعلن استعداده للرد بالمثل إذا أصرت واشنطن على رسوم 10%، بينما هدد ترمب برفع الرسوم إلى 50% على الواردات الأوروبية.
الهند تشهد خلافات حول المنتجات المعدلة جينيًا وسلع أخرى، لكن ترمب أشار إلى قرب توقيع "صفقة ضخمة" قريبًا.
سياسة الرسوم: مرحلة انتقالية أم تغيير جذري؟
رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين ستيفن ميرن صرّح بأن إدارة ترمب قد تمدد تعليق الرسوم لبعض الدول التي تتفاوض "بحسن نية".
ومع ذلك، من المرجح أن يبقى متوسط معدل الرسوم أعلى من 10% لفترة طويلة، حتى بعد توقيع بعض الاتفاقات الثنائية.
بعض الدول لا تزال تترقب مصير الرسوم على المعادن والتقنيات، في ظل وصف تقارير بلومبرغ لسياسة ترمب الجمركية بأنها "متقلبة وغير واضحة".
تداعيات اقتصادية وسياسية: بين الأرقام والواقع
الأسواق العالمية تترقب التفاصيل الفنية للاتفاق، في ظل تأكيد وزارة الخزانة الأميركية بلوغ إيرادات الرسوم الجمركية مستويات قياسية.
في المقابل، يناقش مجلس الشيوخ مشروع قانون ضريبي جديد يسعى ترمب لتمريره بسرعة لدعم الإيرادات.
الاحتياطي الفيدرالي برئاسة جيروم باول أكد أن البنك "ينتظر ليرى" أثر الرسوم على الأسعار قبل اتخاذ أي قرار بشأن خفض الفائدة.
الخلاصة
توقيع اتفاق التجارة بين واشنطن وبكين يُعد تحولًا مفصليًا في الحرب التجارية، ويمهّد لمزيد من الاتفاقات الثنائية التي قد تعيد صياغة منظومة التجارة العالمية خلال السنوات المقبلة. ورغم أن العديد من التفاصيل لا تزال عالقة، فإن هدنة الرسوم الأخيرة تعكس براغماتية أميركية جديدة في إدارة الملفات الاقتصادية، لكنها تضع في الوقت ذاته ضغوطًا أكبر على الشركاء التجاريين في سباق مع الزمن قبل استحقاقات جديدة في يوليو.