هل يتحوّل انتصار ترمب إلى عبء اقتصادي؟
بينما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب حصد الانتصارات التشريعية بسرعة غير مسبوقة عبر تمرير مشروعه الضريبي الضخم، بدأت أسواق الدين تُصدر إشارات إنذار حقيقية. فالاحتفالات السياسية لا تُغيّر من واقع اقتصادي يزداد هشاشة، وسوق السندات الأميركي بدأ يردّ... بصوت مرتفع.
قانون ضريبي ضخم... في لحظة حرجة
أعاد مشروع ترمب الجديد إحياء التخفيضات الضريبية الفردية من قانون 2017، وأضاف إليها:
إعفاءات على الإكراميات وساعات العمل الإضافية
حوافز ضريبية موسّعة للشركات الصغيرة والمتوسطة
رفع خصم SALT إلى 40,000 دولار سنويًا
وحسابات "ترمب" للادخار... رمزية لكنها مكلفة
لكن التوقيت قد يكون كارثيًا:
العجز الفيدرالي يتجاوز 2 تريليون دولار سنويًا
الدين القومي الأميركي تخطّى 36 تريليون دولار
وفي 2025 وحدها، قد تدفع واشنطن أكثر من تريليون دولار على الفوائد فقط
تهديدات جمركية تُربك السوق... ولكن لا تُقنع الدائنين
ترمب واصل استخدام الرسوم الجمركية كأداة سياسية:
50% على واردات الاتحاد الأوروبي
25% على أجهزة iPhone غير المصنوعة في أمريكا
رغم أنها أربكت الأسواق (تراجع Dow Jones وNasdaq وS&P 500)، إلا أن هذه الرسائل لا تُقنع المستثمرين في سوق السندات، الذين لا يلتفتون إلى التصريحات بقدر ما يراقبون الواقع المالي.
سوق السندات يردّ بقوة: لم نعد نثق
بينما تتراجع الأسهم ثم تستعيد عافيتها، فإن أسواق السندات لا تنسى:
عائدات سندات 10 سنوات قفزت من أقل من 4% في أبريل إلى 4.5% حاليًا
عائدات سندات 30 سنة لامست حاجز 5% – أعلى مستوى منذ الأزمة المالية 2008
كل نقطة أساس إضافية تعني مليارات من الدولارات الإضافية التي تتحملها الخزينة الأميركية... دون أي عائد اقتصادي يُعوّض هذا الإنفاق.
أزمة الفائدة... تلتهم ميزانية الدولة
تقرير وزارة الخزانة يُظهر أن مدفوعات الفوائد على الدين سترتفع إلى:
1 تريليون دولار في 2025
أي ما يعادل 15% من الإنفاق الفيدرالي
وهي زيادة بنسبة 200% خلال خمس سنوات فقط
وهذا قبل أن تُضاف تأثيرات قانون ترمب الجديد، الذي يزيد العجز بأكثر من 3 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل وفق تقديرات Penn Wharton.
ثلاث وكالات... وتحذير واحد
بعد "فيتش" و"ستاندرد آند بورز"، جاءت "موديز" لتُكمل مثلث التحذير:
"فشل الإدارات الأميركية في ضبط العجز وتكاليف الفائدة سيؤدي إلى أداء مالي أضعف، لا يتوافق مع مكانة الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم."
هذا التحذير ليس سياسيًا، بل ماليًا بامتياز... والمستثمرون حول العالم يسمعونه جيدًا.
الخلاصة
ما يحصل الآن ليس مجرد تمرير لقانون ضريبي جديد، بل إحياء لمعادلة خطرة: تقليص الإيرادات في وقت يتضخم فيه الدين. وفي حين يُجيد ترمب كسب المعارك السياسية والإعلامية، فإن سوق السندات لا يساوم ولا يُساير. إنها تقرأ الأرقام فقط، وترى ما لا يريد السياسيون الاعتراف به.
قد يكون هذا هو المشهد الذي يسبق العاصفة، حيث تنتهي حفلة الاستدانة، ويبدأ عصر الحساب المؤجل.
وفي النهاية، قد لا تكون الحرب التجارية أو أسعار الأسهم هي من تُسقط اللعبة، بل... فاتورة الفائدة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet