من يدفع الثمن؟ الأسواق تُقيّم تأثير الرسوم وسط ضغوط ترمب على الشركات
في مواجهة التهديدات المتصاعدة من الرسوم الجمركية التي أطلقتها إدارة ترمب، تجد كبرى الشركات الأميركية نفسها الآن تحت ضغط مزدوج: إما تحمّل التكاليف، أو مواجهة سخط البيت الأبيض. لكن إلى أي مدى يستطيع ترمب فرض هذه المعادلة؟ وهل نحن أمام مجرد ضجيج انتخابي… أم بداية تدخل حقيقي في تسعير القطاع الخاص؟
ترمب يُصعّد: "سأراقب"
في منشور جديد عبر منصة Truth Social، وجّه الرئيس دونالد ترمب تحذيرًا صريحًا لـ Walmart (WMT) وكتب:
"على Walmart والصين أن يأكلا كلفة الرسوم، لا أن يُحمِّلاها لعملائنا الأعزاء."
ولم تتوقف التصريحات عند Walmart، بل طالت أيضًا:
Amazon (AMZN): وُصفت خطتها لكشف كلفة الرسوم على الأسعار بـ"العدائية والسياسية"
Ford (F): هددها ترمب بأنها "لن تبيع أي سيارة" إذا رفعت الأسعار
Mattel (MAT): لوّح بفرض 100% رسوم على ألعابها إذا نقلت التكاليف للمستهلكين
أدوات ترمب التنفيذية... أكثر من مجرد تصريحات
رغم أن التصعيد يبدو في ظاهره إعلاميًا، فإن لدى ترمب أدوات حقيقية يُمكنه استخدامها إذا قرر الانتقال من الضغط إلى الفعل:
فتح تحقيقات فيدرالية عبر لجنة التجارة (FTC) للتحقيق في "استغلال الرسوم لزيادة الأرباح"
دفع الكونغرس لسنّ قوانين تحدّ من ما يُعرف بـ"الاحتكار السعري"
استخدام أوامر تنفيذية لتجميد الأسعار أو فرض قيود — كما فعل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في 1971
وحتى الآن، لا يُلوّح ترمب مباشرةً بتجميد الأسعار، لكنه لا يستبعد شيئًا.
بعض الشركات تنحني... والبعض يُقاوم
في حالة Home Depot (HD)، أعلن مسؤولو الشركة أنهم لن يرفعوا الأسعار، وهو ما اعتبره فريق ترمب "انتصارًا للسياسة العاقلة". لكن محللين مثل مايكل بيكر من D.A. Davidson وصفوا المشهد بـ:
"تفاوت في الخطاب، لا في الممارسة... Walmart وHome Depot في الواقع يواجهان نفس المعادلة."
لكن الصورة الأوسع تُظهر مأزقًا حقيقيًا:
شركات التجزئة ذات الهوامش الضيّقة لا تستطيع تحمل الرسوم دون تمريرها
التكاليف الإضافية تُشكّل تهديدًا مباشرًا لنموذج الأعمال نفسه
سوق مشوّش… وخطاب مألوف من الماضي
الخبير الاقتصادي إد يارديني يقول بصراحة:
"إذا لم ترفع الشركات الأسعار… فهذا ليس نموذجًا تجاريًا قابلًا للاستمرار."
ومع تصاعد الخطاب الشعبوي ضد الأسعار المرتفعة، يتذكّر الاقتصاديون تجارب مشابهة، مثل حملة بايدن ضد:
Shrinkflation (تقليص الكميات دون تقليص الأسعار)
Junk Fees (الرسوم الخفية على الخدمات)
ويُحذّر رايان بورن من معهد Cato من أن ترمب يُعيد إنتاج نفس "الرغبة في السيطرة على السوق"، لكن بأسلوب أكثر حدة.
الرسوم الجمركية… والتكلفة السياسية
البيت الأبيض يُصرّ على أن "الدول الأجنبية تدفع ثمن الرسوم"، لكن:
الشركات تُعلن صراحة عن ارتفاع تكاليف سلاسل التوريد
التحذيرات تتزايد بشأن آثار تضخمية على المستهلك الأميركي
وول ستريت تُبدي قلقًا متزايدًا من التأثيرات الثانوية
وفي حال استمرت الضغوط، قد تتحول السياسة التجارية إلى سياسة تسعيرية شبه حكومية، ما يُعيد السوق الأميركي إلى ممارسات لم يشهدها منذ السبعينيات.
الخلاصة
ترمب لا يكتفي بالمراقبة... بل يُلوّح باستخدام القوة التنفيذية لفرض سلوك سعري على القطاع الخاص. وبينما يعتبرها البعض حملة علاقات عامة انتخابية، يرى آخرون أنها بداية تحول هيكلي نحو تدخل أوسع في السوق. وإذا استمرت الشركات برفع الأسعار – أو رفضت الامتثال – فقد لا يبقى "السوق الحر" حرًا إلى الأبد.
"التهديد الحقيقي ليس في الرسوم فقط، بل في من يُجبرك على التظاهر بأنها لا تُكلف شيئًا."
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet