الرسوم تُربك سويسرا: تراجع حاد في الصادرات وصمود مؤقت في الميزان التجاري
في ظل تصعيد التوترات التجارية بين واشنطن وبروكسل، برزت سويسرا كواحدة من أكثر الاقتصادات تأثرًا – رغم أنها ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي. فقد أظهرت البيانات الأخيرة أن السياسات الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدأت تُحدث أثرًا ملموسًا على التجارة السويسرية، إذ انخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة بشكل حاد، في وقت حافظ فيه الفائض التجاري على قوّته، ما يعكس تركيبة اقتصاد تعتمد على التصدير وتتمسك بالحياد السياسي.
صادرات تنهار بنسبة 36%... ضربة مباشرة من واشنطن
وفقًا لبيانات مكتب الجمارك السويسري، تراجعت الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة بنسبة 36% خلال أبريل مقارنة بشهر مارس، بعد تعديل الأرقام وفقًا للتقلبات الموسمية.
ويُعتبر هذا الانخفاض ثاني أكبر تراجع شهري منذ سنوات، ويعكس بوضوح تداعيات التوترات الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث تواجه المنتجات السويسرية ضغوطًا غير مباشرة ضمن هذه الحرب التجارية المتوسعة.
واردات متراجعة… لكن الفائض يصمد
رغم أن الواردات من الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 15%، إلا أن ذلك ساعد في الحفاظ على فائض تجاري قوي بلغ 4.6 مليار فرنك سويسري – وهو ثاني أعلى فائض شهري يتم تسجيله منذ عام 2010.
هذا الصمود في الميزان التجاري يُظهر مرونة هيكل الصادرات السويسرية، خصوصًا في القطاعات التكنولوجية والأدوية والساعات، والتي غالبًا ما تحتفظ بطلب قوي حتى في فترات التوتر الاقتصادي.
الخلفية السياسية: سويسرا بين المطرقة الأوروبية والسندان الأميركي
ورغم عدم عضويتها في الاتحاد الأوروبي، فإن سويسرا ترتبط بسلسلة من الاتفاقات التجارية والجمركية الوثيقة مع الاتحاد، ما يجعلها عرضة لتداعيات أي تصعيد تجاري مع الكتلة الأوروبية.
تهديدات ترمب الأخيرة بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على المنتجات الأوروبية، دفعت المراقبين للتحذير من أن أي توسع في تلك الإجراءات قد يشمل شركاء اقتصاديين غير مباشرين، مثل سويسرا، خاصة مع مرور الكثير من السلع الأوروبية عبر الأراضي السويسرية أو تصنيع مكونات حساسة فيها.
الأسواق تراقب… والمستثمرون يعيدون التقييم
يرى محللون أن تراجع الصادرات السويسرية، خاصة في القطاعات الدوائية والصناعية الفاخرة، قد يُنذر بتغيرات هيكلية في سلاسل التوريد العالمية.
في الوقت ذاته، تزايد القلق في الأسواق من استمرار السياسات التجارية التصعيدية، مما قد يدفع المستثمرين لإعادة النظر في علاقاتهم التصديرية مع الولايات المتحدة، والتركيز على تنويع الأسواق والاعتماد المتبادل.
الخلاصة
رغم أن سويسرا ليست على خط المواجهة المباشر في الحرب التجارية التي تقودها إدارة ترمب، إلا أن تداعيات هذه السياسات أصابت صادراتها في مقتل. وبينما لا يزال الفائض التجاري قويًا بفضل انخفاض الواردات، فإن استمرار التصعيد الأميركي قد يُزعزع هذا التوازن ويهدد سلاسل التوريد السويسرية في القطاعات الحيوية. المشهد الحالي يُحذّر من أن حتى الاقتصادات المحايدة قد تجد نفسها وسط نار الرسوم والتوترات السياسية... والأسواق تراقب بحذر.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet