بين الانتظار والتصعيد.. ترامب يُلوّح بالحوار والأسواق تبحث عن مخرج
مزيج من التصريحات الغامضة وردود الأفعال الحادة يضع الأسواق على صفيح ساخن
في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق العالمية بدء موجة جديدة من الرسوم الجمركية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه "ينتظر اتصالًا من بكين"، في إشارة إلى انفتاح محتمل على مسار تفاوضي يخفف من حدة الأزمة. لكن الغموض لا يزال يلف النوايا الحقيقية للإدارة الأميركية، في ظل رسائل متناقضة من البيت الأبيض، وسط ارتباك واسع في الأسواق والشركات على حد سواء.
الأسواق تترقّب وسط تصعيد جديد من ترامب والصين
صباح الثلاثاء، صعّدت الصين من لهجتها، متعهدة بـ"القتال حتى النهاية" إذا مضت واشنطن في فرض رسوم جديدة بنسبة 50%، ردًا على الرسوم الانتقامية الصينية التي بلغت 34%. ترامب علّق من جانبه قائلًا إن "الصين تريد صفقة بشدة، لكنها لا تعرف من أين تبدأ"، مضيفًا: "نحن ننتظر اتصالهم".
وفي المقابل، أشار ترامب إلى أن مفاوضات جارية مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، مؤكدًا أن الصفقات المقبلة "ستكون شاملة"، وتشمل قضايا تتجاوز الرسوم مثل الزراعة والطاقة والسيارات. وأضاف:
"سنعقد صفقات عادلة وجيدة مع الجميع، وإن لم نصل إلى ذلك، فلن نتعامل معهم."
"كلا الأمرين صحيحان": الغموض يسيطر على الرسائل الرسمية
وسط بعض الإشارات الإيجابية، يبقى موقف البيت الأبيض غامضًا. وزير الخزانة سكوت بيسنت سعى خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى إقناع الرئيس بتبني خطاب تفاوضي أكثر وضوحًا، وبتحديد ما وصفه بـ"نهاية اللعبة".
لكن تصريحات ترامب الأخيرة جاءت متضاربة، إذ ربط الرسوم بالعجز التجاري في بعض المناسبات، بينما تحدّث في أخرى عن قضايا أمنية أو اقتصادية كبرى.
وقد لخّص الموقف بنفسه بالقول:
"يمكن للأمرين أن يكونا صحيحين... يمكن أن تكون هناك رسوم دائمة، ويمكن أن تجري مفاوضات، لأن هناك أمورًا نحتاجها تتجاوز الرسوم."
الأسواق تتقلب بشكل سريع... مكاسب ضخمة ثم خسائر فورية
ردت الأسواق الأميركية بقوة على الإشارات الإيجابية، حيث قفز مؤشر S&P 500 بنسبة 3.2%، وناسداك بنسبة 3.6%، وأضاف مؤشر داو جونز أكثر من 1300 نقطة (+3.4%) صباح الثلاثاء.
لكن الشائعات حول تأجيل الرسوم لمدة 90 يومًا — التي سرعان ما نفتها الإدارة بوصفها "أخبارًا مزيفة" — تسببت في انهيار سريع في المكاسب، حيث تبخرت أكثر من 2.4 تريليون دولار من القيمة السوقية خلال دقائق فقط.
الشركات تبدأ بالتحرك: رفع أسعار، وتقليص الطلبيات
بدأت بعض الشركات الأميركية في التحرك استعدادًا للأسوأ:
Micron أعلنت فرض رسوم إضافية داخل الولايات المتحدة لتعويض الكلفة على المنتجات المتضررة من الرسوم، لا سيما وحدات التخزين والذواكر.
Walmart حذرت من انخفاض الأرباح مع توقعات بخسارة تصل إلى 6% في ربحية السهم إذا استمرت الرسوم الجديدة، بحسب Evercore ISI.
قطاع التجزئة والتكنولوجيا تحت الضغط
مع اقتراب تطبيق الرسوم على واردات من الصين وفيتنام، بدأت علامات التوتر تظهر على قطاع التجزئة:
Nike وLululemon جمّدتا التوظيف وأجّلتا طلبيات الاستيراد.
سعر الحذاء الرياضي المصنّع في فيتنام قد يقفز من 155 إلى 220 دولارًا نتيجة الرسوم، ما يضع ضغوطًا هائلة على المستهلك النهائي.
شركات التكنولوجيا المالية مثل Affirm وRobinhood هبطت بنسبة 21% و17% على التوالي، نتيجة الخوف من تراجع إنفاق المستهلكين.
ردود فعل دولية سريعة... وقلق متزايد
مع العد التنازلي لتطبيق الرسوم على 185 دولة في 9 أبريل، بدأت الدول في التحرك:
اليابان: رئيس الوزراء إيشيبا تحدث مع ترامب وشكّل وفدًا تفاوضيًا رسميًا.
الاتحاد الأوروبي: بدأ التحضير لحزمة ردود انتقامية واسعة.
كندا: فرضت رسومًا جديدة على السيارات الأميركية.
الصين: تسريبات أشارت إلى احتمال حظر الأفلام الأميركية ورفع الرسوم على الدواجن، ووقف التعاون في ملف الفنتانيل.
المستهلك الأميركي يشعر بالأثر... والتخزين يبدأ
بدأ الأميركيون يشعرون بأثر الأزمة. مع تزايد التوقعات بارتفاع الأسعار، شهدت متاجر التجزئة موجة من تخزين المواد الأساسية مثل الدقيق والسكر والمعلبات.
بحسب مؤسسة الضرائب، من المتوقع أن تكلف الرسوم الجديدة الأسر الأميركية ما متوسطه 2100 دولار إضافية في 2025، مع كلفة كلية قد تتجاوز 3.1 تريليون دولار على مدى العقد المقبل.
الخلاصة
البيت الأبيض يرسل إشارات مزدوجة: يدٌ تفاوض، ويدٌ تُلوّح بالتصعيد. ترامب ينتظر اتصالًا من الصين، لكن مع اقتراب تنفيذ الرسوم الشاملة على 185 دولة، تبدو الأسواق متوترة، والشركات في حالة تأهب، والمستهلك الأميركي بدأ يتحسّس الآثار.
ما إذا كانت هذه المفاوضات ستقود إلى اتفاق حقيقي أم إلى جولة جديدة من التصعيد — هذا ما ستكشفه الأيام القليلة المقبلة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet