بين الأمل والواقع... خفض الرسوم وارد، لكن الاتفاق مع بكين لا يزال مُعلّقًا
بينما تنتظر الأسواق بفارغ الصبر أي مؤشرات على نهاية قريبة للحرب التجارية، يستعد كبار المسؤولين الأميركيين والصينيين للقاء جديد هذا الأسبوع في سويسرا.
لكن رغم تفاؤل المستثمرين، فإن الرسائل القادمة من واشنطن وبكين توحي بمسار طويل ومعقّد، قد لا يحمل اختراقًا حقيقيًا في المدى القريب.
بداية “خفض التصعيد” لا أكثر
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت كان واضحًا في تصريحاته الأخيرة:
"سنبدأ يوم السبت، وهو ما أعتبره عكس التقدّم الحقيقي... علينا خفض التصعيد أولاً قبل أن نتمكن من التقدم".
بيسنت أكّد أن المحادثات مع الصين ما تزال في مراحلها الأولى، مقابل ملفات تجارية أخرى وصفها بأنها "متقدّمة جدًا".
وبحسب تأكيدات رسمية، سيشارك بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير في المحادثات التي ستُعقد في سويسرا مع نائب رئيس الوزراء الصيني خه ليفينغ.
ومن الجانب الصيني، شددت وزارة الخارجية على أهمية الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، معلنة رفضها لأي "ابتزاز تحت غطاء المفاوضات".
ترمب يُلمّح لفرض الأمر الواقع: “لسنا بحاجة لاتفاق”
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خفّض هو الآخر من سقف التوقعات، عندما قال خلال ظهوره مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني:
"لسنا مضطرين لتوقيع أي اتفاقات... نحن لا نخسر شيئًا بعدم التجارة مع الصين."
تصريح يُعبّر عن نهج أكثر تشددًا، يوحي بأن الإدارة الأميركية تُحضّر أرضية لفرض الشروط بدلًا من التفاوض حولها.
بيسنت من جهته أكد أن "كل شيء على الطاولة"، لكنه لمّح إلى احتمال فرض تعرفة موحدة على جميع الدول إذا لم تنجح هذه المحادثات.
ما الذي تحمله طاولة المفاوضات؟
تركّز المفاوضات على ملفات استراتيجية حساسة، تشمل:
الرقائق الإلكترونية
قطاع الذكاء الاصطناعي
سلاسل التوريد الاستراتيجية
الاستثمارات الموجّهة ذات الطابع السيادي
بيسنت أوضح:
"لسنا بحاجة إلى فك الارتباط في النسيج أو المنتجات العادية... لكننا نريده في الصناعات الاستراتيجية."
هذا التوجه يُشير إلى تعقيد المشهد، واستبعاد التوصّل لاتفاق شامل خلال الأسابيع المقبلة.
الأسواق تأمل بخطوة أولى: تخفيف الرسوم الجمركية
رغم غموض المحادثات، يراهن المستثمرون على إحراز تقدم محدود يتمثل في خفض تدريجي للتعريفات الجمركية، التي وصلت حاليًا إلى:
145% على السلع الصينية
125% على السلع الأميركية
هذا السيناريو من شأنه أن:
يُخفّف الضغوط على المستهلك الأميركي
يُنشّط أداء الأسواق المالية
يُعيد بعض الثقة للمشهد الاقتصادي العالمي
الخبير الاقتصادي إد يارديني قال:
"لا يُمكن لترمب المخاطرة بدخول الاقتصاد في ركود في النصف الثاني من العام... والصينيون أيضًا تحت ضغط كبير داخليًا."
الخلاصة
الأسواق متفائلة... لكن الواقعية تفرض الحذر.
لقاءات سويسرا قد تُطلق شرارة أولى نحو تخفيف الرسوم، لكنها ليست مؤشرًا على صفقة كبرى وشيكة.
الولايات المتحدة والصين تتحركان ضمن حسابات دقيقة، حيث يُفضّل كل طرف تسجيل مكاسب سياسية واقتصادية دون الظهور بمظهر المتنازل.
حتى إشعار آخر، ستبقى الأسواق رهينة العناوين العاجلة والتسريبات، بانتظار أي تحول فعلي في توازن القوى.
📩 اشترك الآن في نشرتنا من "مركب" لتصلك الأخبار والتحليلات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet