هل يُعيد سكوت بيسنت الديناميكية لسوق السندات الأميركية؟
إصلاحات ما بعد الأزمة على طاولة الاختبار مجددًا
مع تصاعد الضغوط في سوق السندات الأميركية وارتفاع عوائد الخزانة لمستويات قياسية، تتحرك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر وزير الخزانة الجديد سكوت بيسنت لإعادة النظر في واحدة من أكثر القواعد التنظيمية حساسية التي أُقرت عقب أزمة 2008. الهدف الواضح: ضخ سيولة جديدة في السوق، تخفيف تكلفة الاقتراض على الحكومة، وتحفيز البنوك لاستعادة دورها الوسيط في أكبر سوق ديون سيادية في العالم.
القاعدة المستهدفة: هل تتحول "الرافعة الإضافية" من أداة حماية إلى قيد خانق؟
المقصود هنا هو "نسبة الرافعة الإضافية" (SLR)، وهي قاعدة تُلزم البنوك الكبرى بالاحتفاظ بنسبة رأسمال كافية مقابل إجمالي محفظتها من القروض والديون—including سندات الخزانة الأميركية.
هذه القاعدة وُضعت بعد أزمة 2008 لضمان قوة النظام المصرفي، لكنها—وفقًا للبنوك وصناع القرار—باتت اليوم عبئًا يقيد قدرة البنوك على شراء المزيد من السندات أو دعم السوق وقت الأزمات.
"الـSLR قد تتحول من صمام أمان إلى قيد خانق" بحسب تعبير بيسنت في خطابه الأخير بنادي نيويورك الاقتصادي، مشيرًا إلى أن "السندات الأميركية—الأكثر أمانًا—لا تُعامل كذلك عند تطبيق قيد الرافعة المالية".
لماذا تسعى الإدارة إلى تخفيف القاعدة الآن؟
تأمل الإدارة الجديدة أن يؤدي تعديل قاعدة SLR إلى:
ضخ سيولة جديدة في سوق السندات، بالسماح للبنوك بزيادة الشراء دون الحاجة لرفع رأس المال.
خفض الضغط على عوائد السندات الطويلة الأجل، ما يقلل تكلفة خدمة الدين الأميركي.
زيادة قدرة البنوك على الإقراض، وتحفيز الاقتصاد الحقيقي في ظل مخاوف عجز الميزانية وتنامي الدين العام.
هذه التحركات تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف من هشاشة السيولة بعد أحداث كوفيد-19، ووسط ارتفاعات حادة في عوائد السندات.
موقف البنوك: إصلاح هيكلي أم مخاطرة تنظيمية؟
البنوك الكبرى مثل JPMorgan وGoldman Sachs ترى أن تعديل القاعدة يمثل "إصلاحًا هيكليًا" يمنح السوق مزيدًا من العمق والسيولة، خصوصًا في أوقات التقلبات.
ديفيد سولومون (Goldman Sachs) وصف التعديل بأنه ضروري لتعزيز قدرة البنوك على الوساطة.
أما جيمي ديمون (JPMorgan) فذهب أبعد، محذرًا من أن "عدم تعديل القواعد سيجبر الفيدرالي على التدخل عند كل أزمة، وهو سيناريو خطير".
وترى البنوك أن القضية لا تقتصر على SLR فقط، بل تشمل مجموعة واسعة من متطلبات رأس المال التي تقلل ربحية الإقراض، وتجعل البنوك تميل للأصول الآمنة أو الأقل تكلفة تنظيمية.
دعم الفيدرالي وتحذيرات من الماضي
يحظى بيسنت بدعم جزئي من رئيس الفيدرالي جيروم باول، الذي أشار إلى أن تخفيف SLR قد "يحسّن سيولة السوق" في ظل تضاعف حجم سندات الخزانة بشكل يفوق قدرة البنوك على الاستيعاب.
أيضًا، ميشيل بومان (عضو الاحتياطي الفيدرالي) دعت لتعديل القاعدة قبل أن تسبب أزمة سيولة مستقبلية.
وقد اضطر الفيدرالي عام 2020 لتعليق بعض متطلبات SLR مؤقتًا خلال أزمة كورونا، ما سمح للبنوك بدعم السوق دون رفع رأس المال.
ومع ذلك، تبرز مخاوف من تكرار سيناريو انهيار "سيليكون فالي بنك" في 2023، حين أدت خسائر ضخمة في محفظة السندات إلى ذعر مصرفي محدود.
الخلاصة:
خطوة بيسنت نحو تعديل قواعد رأس المال للبنوك تعكس رغبة إدارة ترمب في "منع الأزمة قبل وقوعها": ضخ السيولة، دعم الأسواق، وكبح ارتفاع تكلفة الدين.
لكنها تعيد أيضًا جدل ما بعد 2008 حول حدود المرونة مقابل الأمان المالي.
بين تفاؤل وول ستريت ودعم جزئي من الفيدرالي، وبين تحذيرات التاريخ من تكرار الكوارث المصرفية، يبقى القرار النهائي رهن توازن دقيق بين الاستقرار المالي ونمو الأسواق.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet