🔥 الولايات المتحدة تلتهم رسوم ترامب… المستهلك الأمريكي يدفع فاتورة الحرب التجارية
تُظهِر المؤشرات الأولى أن الشركات والمستهلكين الأمريكيين هم من يتحمّلون العبء الأكبر من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، رغم وعوده المتكررة بأن الصين ستدفع الثمن. البيانات والأبحاث تشير بوضوح إلى أن الرسوم بدأت تُترجم إلى ارتفاعٍ في الأسعار داخل الولايات المتحدة، مما يعقّد مهمة الاحتياطي الفيدرالي (Fed) في كبح التضخّم الذي بدأ يتسارع مجددًا.
📊 ما الذي يحدث داخل الاقتصاد الأمريكي؟
الدراسات الميدانية والأبحاث الأكاديمية من جامعات مثل هارفارد (Harvard University) أظهرت أن معظم تكلفة الرسوم تقع على الشركات الأمريكية التي بدورها تنقل جزءًا من العبء إلى المستهلكين.
البروفيسور ألبرتو كافالو — أحد أبرز الباحثين في مجال تسعير السلع — أوضح أن فريقه قام بتتبّع أسعار أكثر من 359 ألف سلعة في المتاجر الأمريكية (من السجاد إلى القهوة)، ووجد أن السلع المستوردة ارتفعت أسعارها بنسبة 4% منذ بدء فرض الرسوم في مارس 2025، مقابل ارتفاع 2% فقط في المنتجات المحلية.
الارتفاعات الأكبر سُجِّلت في السلع التي لا يمكن إنتاجها محليًا مثل القهوة، أو تلك القادمة من دول خضعت لعقوبات شديدة مثل تركيا.
⚙️ من يدفع الثمن فعلاً؟
رغم تصريحات البيت الأبيض بأن “الأجانب هم من يتحمّلون التكلفة”، تؤكد البيانات أن المنتجين الأمريكيين والمستهلكين المحليين هم المتضرر الأكبر.
قال متحدث باسم الإدارة الأمريكية إن “الأمريكيين قد يواجهون فترة انتقالية، لكن في النهاية سيدفع الأجانب”، مضيفًا أن الشركات “تعيد توطين الإنتاج داخل الولايات المتحدة”.
لكن الواقع مختلف: المصدرون الأجانب رفعوا أسعارهم بالدولار لتغطية جزء من تراجع العملة الأمريكية، ما جعل التكلفة النهائية ترتفع داخل السوق المحلية.
🏭 كيف تفاعلت الشركات العالمية؟
عدة شركات عالمية سارعت إلى تمرير الزيادات إلى المستهلكين، منها:
بروكتر آند غامبل (Procter & Gamble) التي رفعت أسعار منتجات Tide ومواد التنظيف.
إيسيلور لوكسوتيكا (EssilorLuxottica) — مالكة Ray-Ban — رفعت أسعار النظارات الفاخرة.
سواتش (Swatch) زادت أسعار ساعاتها السويسرية الفاخرة.
وبحسب تتبع رويترز، فإن 72% من الشركات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أعلنت زيادات في الأسعار منذ بدء الرسوم، بينما 18 شركة فقط أشارت إلى تراجع هوامش الأرباح.
🏛️ انعكاسات الرسوم على التضخم والسياسة النقدية
ارتفاع الرسوم من متوسط 2% إلى 17% خلق ضغطًا تضخّميًا كبيرًا على السوق الأمريكية.
تقديرات الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن تشير إلى أن الرسوم قد ترفع معدل التضخّم الأساسي بنحو 75 نقطة أساس.أما جيروم باول (Jerome Powell)، رئيس الفيدرالي، فأكد أن الرسوم ساهمت بنحو 30 إلى 40 نقطة أساس من قراءة التضخم الأخيرة (2.9%)، لكنه وصف التأثير بأنه “مؤقت نسبيًا”.
في المقابل، حذّر معهد بيترسون للاقتصاد الدولي (PIIE) من أن التضخم خلال العام القادم سيكون أعلى بنسبة 1% مقارنة بما لو لم تُرفع الرسوم.
💬 تأثير الرسوم على العالم
حرب الرسوم لم تبقَ داخل الحدود الأمريكية.
أظهرت بيانات S&P Global أن الطلبيات التصديرية الجديدة انكمشت عالميًا منذ يونيو 2025، مع تراجع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى أمريكا بنسبة 4.4% في يوليو، بينما هبطت صادرات ألمانيا بنسبة 20.1% في أغسطس.
كما خفّضت منظمة التجارة العالمية (WTO) توقعاتها لنمو التجارة السلعية العالمية لعام 2026 إلى 0.5% فقط، مشيرة إلى “أثر متأخر متزايد” للرسوم الأمريكية.
وفي أوروبا، توقّع بنك ING الهولندي تراجع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة بنسبة 17% خلال العامين القادمين، ما يعني خصم 0.3 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الأوروبي.
🔮 النظرة المستقبلية
رغم نبرة التفاؤل التي تحاول الإدارة الأمريكية بثها، فإن الحقائق الاقتصادية ترسم صورة مختلفة.
يشير خبراء مثل كافالو إلى أن التأثير الكامل للرسوم لن يظهر إلا بعد عدة أشهر، إذ تعمل الشركات على تمرير التكلفة تدريجيًا للمستهلكين.
بالمقابل، يرى بعض الاقتصاديين أن الشركات الأوروبية تحاول امتصاص جزء من الصدمة للحفاظ على حصصها السوقية في أمريكا، لكن الاتجاه العام يشير إلى ارتفاع مستمر في الأسعار وضعف الطلب الاستهلاكي.
في الوقت نفسه، يستمر الانقسام داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول ما إذا كان التضخم الناتج عن الرسوم مؤقتًا أم بنيويًا.
تقرير البنك الفيدرالي في بوسطن حذّر من أن استمرار الرسوم الحالية سيبقي التضخّم فوق الهدف (2%) لفترة طويلة، ما قد يضطر الفيدرالي لتأجيل أي تخفيضات إضافية في الفائدة.
💡 خلاصة مُركَّب
الحقيقة الاقتصادية الصريحة: الولايات المتحدة تأكل رسومها بنفسها.
الرسوم لم تُضعف الصين كما وُعد، بل رفعت تكاليف المعيشة للأمريكيين ودفعت التضخّم للارتفاع مجددًا.
ومع تزايد اعتماد الشركات على إعادة هيكلة سلاسل التوريد، تبدو آثار الرسوم طويلة الأمد على الأسعار والنمو والتجارة العالمية أعمق من أي تقديرات أولية.
الرسوم باتت “ضريبة داخلية غير معلنة”، تثقل كاهل المستهلك الأمريكي، وتُربك السياسة النقدية في واشنطن.
🔍 للمستثمر الذكي فقط
في مُركَّب+، لا نقرأ الرسوم كعنوان سياسي، بل كعامل جوهري يعيد تشكيل التضخم وسلوك الأسواق والشركات.
نحن نراقب كيف تتحوّل الحماية التجارية إلى ضغط نقدي واستثماري، وكيف يمكن استثمار هذه التحولات بذكاء.
نفرّق بين الشركات التي ترفع الأسعار لتعويض الرسوم، وتلك التي تبني مزايا إنتاجية طويلة الأجل.
📊 لأن الاستثمار الحقيقي لا يقوم على الانفعال،
بل على التحليل العميق، والانضباط المالي، وفهم البنية العالمية للسلاسل الصناعية.
🎯 اشترك الآن في مُركَّب+ لتفهم كيف تُترجم القرارات السياسية إلى فرص مالية حقيقية،
ولتتعلم كيف تستثمر بذكاء… لا بعشوائية.