..الكاش هو الملك أو الكاش ورق لاقيمة له!
البعض يقول إن النقود هي الملك، والبعض الآخر يعتبرها عبء. الحقيقة هي أن النقود مهمة جداً وفي نفس الوقت إن زادت عن حدها تكون بلا قيمة.
بعد كم سنة تصبح قيمة ال 100$ الشرائية صفر؟
في الواقع، القيمة الشرائية للمال لا تصبح "صفر" بالمعنى الحرفي إلا إذا وصل التضخم إلى مستويات فائقة جداً (hyperinflation)، وهو ما يعتبر غير معتاد في الاقتصادات العادية. ولكن، يمكننا حساب الوقت الذي تصبح فيه القيمة الشرائية للمال متدنية للغاية.
على سبيل المثال، لتقل القيمة الشرائية لمبلغ 100 دولار إلى دولار واحد، وبمعدل تضخم سنوي قدره 3%، يستغرق الأمر حوالي 151 سنة. مع معدل تضخم سنوي قدره 10%، يستغرق الأمر حوالي 44 سنة..وأما إذا وصل الحال بالتضخم إلى 50%، يستغرق الأمر حوالي 6.6 سنوات فقط لتقل القيمة الشرائية لمبلغ 100 دولار إلى دولار واحد!
وطبعاً إذا كنت من لبنان أو سوريا أو مصر أو العراق أو تركيا، ستعرف تماماً صدق الأرقام السابقة..
هل معنى ذلك أنه لا يجب أن نحتفظ بأية نقود؟
بالطبع لا، فالجميع يحتاج دوماً إلى قدر من النقود السائلة سواء كان للمصاريف اليومية أو لشراء الأشياء التي نحب أو لمواجهة أية طوارئ. الحفاظ على النقود وإدارتها بحكمة يعتمد على عدة عوامل، وليس فقط على معدلات التضخم. هنا بعض النقاط للتفكير فيها:
التضخم: كما رأينا، التضخم يمكن أن يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للنقود بمرور الوقت. إذا كانت معدلات التضخم مرتفعة، فإن الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من النقود قد لا يكون أفضل خيار لأن قيمتها الشرائية ستتقلص.
الاستثمار: الاستثمار في الأصول مثل الأسهم، السندات، العقارات أو غيرها يمكن أن يوفر عوائد قد تتجاوز معدل التضخم. هذا يساعد في الحفاظ على قوة شراء الأموال وربما زيادتها.
الاحتياجات النقدية: من المهم الاحتفاظ ببعض النقود للطوارئ والمصاريف اليومية. النقد يوفر مرونة لا توفرها الاستثمارات الأخرى التي قد تكون أقل سيولة.
التنويع: تنويع الأصول يعد استراتيجية حكيمة لإدارة المخاطر. بدلاً من وضع كل الأموال في استثمار واحد أو الاحتفاظ بكلها نقدًا، من الأفضل توزيعها على عدة أنواع من الاستثمارات.
أهدافك المالية وأفق الزمني: الطريقة التي تختار بها إدارة أموالك يجب أن تتماشى مع أهدافك المالية طويلة الأمد وأفقك الزمني.

من المهم استشارة مستشار مالي أو القيام ببحث شخصي قبل اتخاذ قرارات مالية كبيرة، خاصة في بيئة تضخم مرتفع.
التحيزات السلوكية وإدارة النقود
عندما يتعلق الأمر بالنقود، غالبًا ما تؤثر عوامل نفسية على قراراتنا. قد نحتفظ بالمزيد من النقود مما نحتاج بسبب هذه التحيزات السلوكية. فلنلقِ نظرة على بعضها:
تجنب الخسارة:
حيث نكون أكثر دافعية لتجنب الخسارة من السعي وراء الكسب—هو واحد من أكبر القوى في الاقتصاد السلوكي. فالأثر النفسي (الألم) الناتج من خسارة 100 دولار يعادل ضعف الأثر النفسي (متعة) الناتج عن ربح نفس المبلغ. هذا يدفعنا إلى الاحتفاظ بنقودنا خارج الاستثمارات خوفًا من خسارتها.
التحيز للحاضر:
التحيز للحاضر هو المبدأ الذي يفسر لماذا، بالنسبة للكثير منا، يعتبر الوقت الحالي أهم من المستقبل. تتفوق عواطف الحاضر بشكل كبير على الفوائد المحتملة للمستقبل. في الواقع، نحن نتعامل مع أنفسنا في المستقبل كأشخاص آخرين. بمعنا أن القيام بشيء الآن يشعرنا بالرضا، أما القيام بشيء من أجل مستقبلنا يعتبر استجابة عاطفية قريبة من العدم.
هذا هو السبب في أنه من الصعب القيام بأشياء من شأنها أن تساعد غدنا—سواء كان ذلك التمرين، تناول الطعام الصحي، أو استثمار نقودنا اليوم لأجل المستقبل في الوقت الذي يمكن لخذه النقود أن تشتري لنا السيارة التي نريدها الآن.
نشعر بارتباط أكبر بنقودنا الآن أكثر من نتائج استثماراتنا لاحقًا.
السيطرة:
الحاجة إلى السيطرة هي دافع أساسي للسلوك البشري. نظرًا لأن النقود هي أكثر أشكال المال ملموسية وقابلية للتحويل وسهولة الوصول ووضوحًا عاطفيًا، فإن الاحتفاظ بها يمنحنا شعورًا بالسيطرة.
الخلاصة
النقود ليست جيدة ولا سيئة بحد ذاتها. النقود الفعلية، وما يعادلها من نقود (صناديق سوق المال وأذونات الخزانة) أو الوصول إلى النقود من خلال خط ائتمان، جميعها يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجية ثروتنا. المهم هو النية في تحديد كمية النقود التي يجب الاحتفاظ بها في فئة السيولة الخاصة بنا وكيف يمكن أن تؤثر على أهدافنا الشاملة. فهم القوى السلوكية التي تلعب دورًا عندما نقرر مقدار السيولة التي نحتاجها يساعدنا على تحديد الاستراتيجيات المناسبة للمضي قدمًا في رحلتنا الشخصية نحو تعزيز ثروتنا.