الاقتصاد العالمي يواجه اختبار الرسوم... وترمب يضغط لتوقيع صفقات تجارية قبل الانهيار
يقترب الاقتصاد العالمي من نقطة تحول حاسمة مع تصاعد الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ومع تحذيرات دولية من تباطؤ النمو إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كوفيد-19، تتجه الأنظار إلى قدرة الأسواق والشركات على التكيّف مع موجة جديدة من الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية، وسط ضبابية قانونية وشحّ في الصفقات التجارية الفعّالة.
تحذيرات دولية: نمو عالمي عند أضعف وتيرة منذ الجائحة
خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) توقعاتها لمعظم اقتصادات مجموعة العشرين، مشيرة إلى أن تخفيف التوترات التجارية أصبح الشرط الأول لإعادة الزخم إلى الاستثمار العالمي وضبط التضخم.
بحسب كبير الاقتصاديين في المنظمة، ألفارو بيريرا:
"إذا لم تخفف الدول الحواجز التجارية، ستكون النتائج كارثية على الجميع."
تتوقع المنظمة أن يتباطأ النمو العالمي إلى 2.9% في 2025 و2026 — أقل من المعدلات التاريخية الأخيرة.
قد ينخفض نمو الاقتصاد الأميركي من 2.8% في 2024 إلى 1.6% في 2025، ثم إلى 1.5% في 2026، وسط استمرار ضغوط التضخم وصعوبة تخفيض أسعار الفائدة.
تصاعد الضبابية: مفاوضات اللحظات الأخيرة وتحديات قانونية
يضغط البيت الأبيض على الشركاء التجاريين لتقديم أفضل العروض قبيل انتهاء مهلة تعليق الرسوم الجمركية في يوليو، لكن معظم المفاوضات — خاصة مع الصين وأوروبا — لا تزال متعثرة.
جاء رد بكين سريعًا، متهمةً الولايات المتحدة بخرق الاتفاق التجاري الأخير ومهددةً بإجراءات انتقامية.
في نفس الوقت، تتواصل المعركة القانونية حول دستورية رسوم ترمب، إذ أوقفت محكمة التجارة الدولية جزءًا منها، ثم أعادت محكمة الاستئناف الفيدرالية العمل بها مؤقتًا.
يؤكد البيت الأبيض أن "القضاء لن يكون الكلمة الفصل"، ملمّحًا إلى الاستعداد لمزيد من المناورات للحفاظ على سياسة الرسوم.
تغييرات استراتيجية في سلاسل التوريد: من الصين إلى العالم
أجبرت الضبابية شركات أميركية وعالمية كبرى على إعادة صياغة سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الصين:
HP Inc.: نقلت معظم إنتاجها من الصين إلى فيتنام وتايلاند والمكسيك والهند وأميركا، وتتوقع توقف دخول المنتجات الصينية إلى أميركا الشمالية بحلول يونيو.
Gap: قلصت اعتمادها على الصين إلى أقل من 3% من مشترياتها نهاية العام، وتهدف لعدم تجاوز أي دولة منفردة 25% بحلول 2026.
Logitech: تسعى لتقليص اعتمادها على الصين إلى 10% فقط من المنتجات المباعة في أميركا بنهاية 2025 (مقارنة بـ40% حاليًا).
قطاع الإسكان الأميركي: الرسوم تهدد بناء المنازل الجديدة
أظهر مسح أجرته رويترز أن غالبية خبراء العقارات يتوقعون تراجع بناء المنازل الميسّرة نتيجة الرسوم، بسبب زيادة التكاليف وتقليص المساحات أو الأعداد.
خبير من Morgan Stanley يؤكد أن "الرسوم ستجعل بناء المنازل أقل وربما أصغر حجمًا".
بوينغ... أداة تفاوض وصفقات كبرى
برزت Boeing كسلاح تفاوضي للإدارة الأميركية، إذ وقّعت صفقات كبرى مع دول الخليج وبريطانيا، وساهمت في تخفيف بعض القيود مع الصين، ما انعكس على قفزة قوية في سعر السهم هذا العام.
آسيا على خط المواجهة: اليابان والهند
اليابان: محافظ بنك اليابان أكد استعداد الاقتصاد لامتصاص صدمة الرسوم، مع الاستعداد لرفع الفائدة إذا استمر التضخم ونمو الأجور، لكنه حذّر من تراجع ثقة الشركات والأسر.
الهند: أعلنت وزارة التجارة الأميركية عن قرب التوصل لاتفاق تجاري مع الهند قبل مهلة يوليو، في إطار تنويع الشراكات الأميركية.
وول ستريت تستثمر في تقلبات ترمب
أصبحت استراتيجية التصعيد والتهدئة في سياسات ترمب "فرصة ربحية" للمتداولين في وول ستريت.
تحليل Nomura أظهر أن الرهان ضد مؤشر S&P 500 عند كل تصعيد ثم الشراء بعد خمسة أيام كان سيحقق عائدًا بنسبة 12% منذ فبراير، أي ضعف أداء المؤشر في نفس الفترة.
الخلاصة
يقف الاقتصاد العالمي على حافة مفترق طرق: تصعيد الرسوم يهدد النمو، والشركات تسابق الزمن لإعادة رسم سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الصين، فيما تترقب الأسواق انفراجة مفاجئة عبر صفقات اللحظات الأخيرة أو مواجهة قانونية جديدة في يوليو. التحولات العميقة في الاستراتيجيات التجارية تشير إلى أن العالم المالي مقبل على عصر جديد من المنافسة والمرونة، يتطلب من المستثمرين أقصى درجات اليقظة والانفتاح على الفرص المتغيرة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet