سوق الأسهم الأميركية يسجل قمة تاريخية... لكن "ضباب البيانات" ومخاطر النصف الثاني تلوح في الأفق
بينما يُنهي مؤشر S&P 500 (^GSPC) النصف الأول من عام 2025 عند أعلى مستوياته على الإطلاق، يدخل المستثمرون النصف الثاني وهم يواجهون مزيجًا معقدًا من التفاؤل والتحذير. خلف موجة الصعود القياسية، تظهر مؤشرات تضخم متجددة بفعل الرسوم الجمركية، وإشارات اقتصادية متضاربة، وسياسات يصعب التنبؤ بمسارها. فهل يستمر الزخم، أم أن الأسواق تتجه إلى طريق مليء بالمطبات؟
تضخم ضبابي وآفاق نمو باهتة: تحذيرات مبكرة قبل النصف الثاني
يرى كبير اقتصاديي EY، غريغ داكو، أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة "تسارع تضخمي جديد تقوده الرسوم الجمركية". هذا التضخم، بحسب داكو، سيؤدي إلى تآكل دخل الأسر وتباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي، خاصة مع بقاء مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الفيدرالي (PCE) مرتفعًا في مايو فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
ويحذر داكو: "سندخل فترة يغلب عليها الضباب في البيانات الاقتصادية والسياسات النقدية... وهذا المزيج ليس مثاليًا لمخططي الاستثمار على المدى الطويل".
الاحتياطي الفيدرالي بين المطرقة والسندان: متى يأتي أول خفض للفائدة؟
تشير مناقشات الفيدرالي إلى انقسام واضح بين من يدعو إلى خفض الفائدة قريبًا (يوليو)، وبين من يرى أن التوقيت لم يحن بعد.
يقول داكو إن "الترجيحات الحقيقية لا تزال تستبعد خفضًا سريعًا"، مرجّحًا أن يكون القرار في سبتمبر بعد تراجع الزخم الاقتصادي، وضعف سوق العمل، وانخفاض نمو الدخل.
في هذه المرحلة، سيتحوّل اهتمام الفيدرالي من مكافحة التضخم إلى دعم النمو، خاصة إذا ثبت أن أثر الرسوم الجمركية على الأسعار كان مؤقتًا كما يتوقع داكو.
ارتفاع احتمالات قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة قبل نهاية الصيف. فحتى 27 يونيو، توقع المستثمرون بنسبة 18.6% خفضًا في اجتماع يوليو، في حين ارتفعت التوقعات إلى 93% بحدوث خفض واحد على الأقل بحلول سبتمبر، مما يعكس تزايد القلق بشأن تباطؤ الاقتصاد والحاجة لتحفيز نقدي.
الأسواق تتحدى الضبابية: زخم متواصل وطفرة في الأسهم
ورغم كل الضباب، تواصل الأسواق الصعود بقوة منذ قاع أبريل، مدفوعةً بتفاؤل المستثمرين بنتائج شركات التكنولوجيا والبنوك، وعودة الثقة الاستهلاكية، واتضاح مسار السياسات التجارية.
يشير كيث ليرنر، الرئيس المشارك للاستثمار في Truist، إلى أن إقرار قانون الضرائب الجديد للرئيس ترمب، وتوجه الحكومة نحو تخفيف القيود، والترقب لخفض الفائدة، جميعها عوامل تعزز الزخم الصعودي للأسهم.
ويرى ليرنر أن "بعض الهزات قادمة لا محالة، لكن المسار المتوسط يظل صاعدًا".
السياسة التجارية... والتقلب السياسي يعيدان المخاطر إلى السطح
يبقى المشهد السياسي أكثر المتغيرات غموضًا. فحتى بعد توقيع اتفاق مع الصين، أعلن ترمب فجأة وقف المحادثات التجارية مع كندا، في تذكير صارخ بأن حالة عدم اليقين السياسي قادرة على قلب التوقعات في أي لحظة.
وقد أدى هذا التقلب إلى قيام شركات كبرى مثل General Motors (GM) وAmerican Airlines (AAL) وMattel (MAT) بسحب توقعاتها المستقبلية، بسبب الغموض حول التجارة العالمية.
وترى جيسيكا إنسكيب، مديرة أبحاث المستثمرين في StockBrokers.com، أن "انخفاض سقف التوقعات قد يمهد لمفاجآت إيجابية في موسم الأرباح القادم، خاصة مع عودة نشاط الاكتتابات (IPOs) وزيادة الزخم حول الذكاء الاصطناعي".
الخلاصة
يدخل السوق الأميركي النصف الثاني من 2025 على مفترق طرق؛ فبين التفاؤل بدعم أرباح الشركات، والإصلاحات الضريبية، والزخم التكنولوجي، تظل المخاطر قائمة بسبب الرسوم الجمركية، والتضخم، وتقلب السياسة الأميركية. مفتاح النجاح الاستثماري في هذه المرحلة هو القدرة على قراءة "ضباب البيانات"، وفهم ديناميكيات السياسة الاقتصادية الجديدة، وعدم الانجرار وراء موجات التفاؤل أو التشاؤم اللحظي.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet