لماذا يخسر معظم الناس أموالهم في الأسهم؟
يظهر الاستثمار في الأسهم كأرض خصبة لبناء الثروة، لكن الحقيقة تكشف أن نسبة عالية تصل إلى 90% من الأشخاص يخسرون أموالهم في سوق الأسهم
يظهر الاستثمار في الأسهم كأرض خصبة لبناء الثروة، لكن الحقيقة تكشف أن نسبة عالية تصل إلى 90% من الأشخاص يخسرون أموالهم في سوق الأسهم، وهو ما يثير الدهشة لشيء يُفترض أن "يزداد دائمًا مع الزمن". السبب وراء هذا لا يعود إلى سوق الأسهم بحد ذاته، بل إلى المشاعر والتصرفات الإنسانية التي تعيق النجاح في الاستثمار.
لكي تكون مستثمرًا ناجحًا، لا يتعلق الأمر فقط بمعرفة واتباع الإجراءات الصحيحة، بل أيضًا بتجنب الأخطاء الشائعة التي تؤدي إلى خسائر مؤلمة. سنستعرض الأخطاء الرئيسية التي تؤدي إلى خسارة الأموال في الأسهم وكيف يمكن تجنبها للاستثمار بحكمة.
1. التحليل السطحي ونقص المعرفة
الاندفاع نحو الاستثمار في الأسهم بناءً على نصائح سطحية أو الشهرة المؤقتة لشركة معينة يعد وصفة مؤكدة للخسارة. دراسة نُشرت في مجلة "Journal of Finance" أظهرت أن المستثمرين الذين يعتمدون على نصائح دون بحث معمق يتعرضون لخسائر أكبر بنسبة 3.5% مقارنة بالمستثمرين الذين يقومون بتحليل شامل لاستثماراتهم.
الغريب في الموضوع أن معظم الناس تقوم بدراسة معمقة قبل شراء جوال أو جهاز تلفاز جديد ويقرأو التقيمات والمواصفات والمقارنات، ولكنهم يشتروا أسهمًا لا يعرفون عنها إلا أسمائها بضغطة زر..
الحل: استثمر فيما تعرف وتفهم جيدًا، إذا لم تكن على استعداد للقيام ببحث عن الشركة التي ستضع فيها أموالك. فمن الأفضل أن تتركها في البنك وتتقاضى عليها أرباح بنسبة 2-3%، لأنك غالبًا ستخسر جزء من، أو كل هذه الأموال التي كدحت في جمعها لشهور أو سنوات.
2. عدم التنويع بشكل كافٍ
تكريس جميع الأموال في استثمار واحد أو قطاع واحد على أمل أنه سيكون "ضربة العمر” يعرض المستثمر لمخاطر عالية. "فيدليتي إنفستمنتس" أجرت دراسة في 2021 وجدت أن المحافظ الاستثمارية التي لا تتضمن تنويعًا كافيًا تعرضت لتقلبات سعرية أكبر بنسبة 30% مقارنة بالمحافظ المتنوعة.
الحل: إذا كنت لا تتمتع بالخبرة الكافية أو لا تمتلك الوقت لاختيار ودراسة الأسهم، فالاستثمار في صناديق المؤشرات يُقلل من هذا الخطر عن طريق توزيع الاستثمار على مجموعة واسعة من الشركات، مما يقلل التقلب ويزيد فرص الربح طويل الأجل. صناديق مثل VTI أو VTSAX توفر تعرضًا للسوق بأكمله بدلاً من الرهان على نجاح شركة واحدة.
3. التأثر بالعواطف والمتابعة الزائدة لنصائح الاستثمار
الاعتماد المفرط على نصائح الاستثمار من مصادر غير موثوقة يمكن أن يقود إلى خسائر فادحة. "الجمعية الأمريكية للمستثمرين الفرديين" كشفت أن 65% من المستثمرين الذين تتبعوا نصائح استثمارية من وسائل التواصل الاجتماعي خسروا جزءًا كبيرًا من استثماراتهم في غضون عام.
والقرارات الاستثمارية القائمة على العواطف، كالخوف والطمع، تؤدي غالبًا إلى الخسارة. دراسة أجراها "برايس ووترهاوس كوبرز" في 2019 وجدت أن 41% من المستثمرين الذين باعوا أصولهم خلال انخفاضات السوق ندموا على قراراتهم بعد تعافي السوق.
كثير من المستثمرين يفقدون الأموال بسبب تحيز الحداثة، حيث يتخذون قرارات استثمارية استنادًا إلى الأحداث قصيرة الأجل بدلاً من التفكير طويل الأمد.
الحل: التاريخ يظهر أن الاحتفاظ بالاستثمارات على المدى الطويل يقلل من احتمالية الخسارة. الاستثمار في صناديق المؤشرات والصبر على التقلبات السوقية يمكن أن يؤدي إلى تراكم الثروة مع مرور الوقت.
4. محاولة توقيت السوق:
محاولة توقيت السوق هي إستراتيجية يحاول فيها المستثمرون التنبؤ بالحركات المستقبلية للسوق لشراء الأسهم عند أدنى نقطة وبيعها عند أعلى نقطة. على الرغم من جاذبية هذه الفكرة، إلا أن توقيت السوق بنجاح يعتبر مهمة شديدة الصعوبة حتى للمحترفين، نظرًا لتقلب الأسواق وتأثرها بمجموعة واسعة من العوامل غير المتوقعة.
التأثيرات النفسية: واحدة من أكبر المعضلات في محاولة توقيت السوق هي العاطفة. عندما يشهد السوق ارتفاعات، يميل المستثمرون إلى الشعور بالتفاؤل والطمع، مما قد يدفعهم لشراء الأسهم بأسعار مرتفعة. وبالمثل، عندما ينخفض السوق، قد يسود الخوف ويتسرعون في بيع أسهمهم بخسارة. هذا السلوك العاطفي يؤدي إلى الشراء بأسعار مرتفعة والبيع بأسعار منخفضة - العكس تمامًا لما يجب على المستثمر الناجح فعله.
التحديات العملية: حتى مع وجود أدوات التحليل الفني والأساسي، فإن التنبؤ بتوقيت السوق يظل محفوفًا بالمخاطر. الأسواق تتأثر بعدد لا يحصى من العوامل العالمية والاقتصادية والسياسية التي يصعب التنبؤ بها. على سبيل المثال، أحداث غير متوقعة مثل الأزمات المالية، الكوارث الطبيعية، أو القرارات السياسية يمكن أن تقلب السوق رأسًا على عقب في لحظات.
الحل - الاستثمار الدوري: بدلًا من محاولة توقيت السوق، ينصح الخبراء بإستراتيجية الاستثمار الدوري أو ما يُعرف بـ "متوسط تكلفة الدولار". هذه الطريقة تتضمن الاستثمار بمبلغ ثابت من المال في فترات منتظمة، بغض النظر عن حالة السوق. بهذه الطريقة، يشتري المستثمرون أسهمًا أكثر عندما تكون الأسعار منخفضة وأقل عندما تكون الأسعار مرتفعة، مما يؤدي إلى تقليل متوسط تكلفة الشراء على المدى الطويل
5. الاستثمار بأموال الطوارئ
استخدام الأموال التي قد تكون مطلوبة للضروريات الحياتية في الاستثمار يزيد من الضغط النفسي ويجبر المستثمرين على اتخاذ قرارات سريعة وغالبًا ما تكون خاطئة. "ناسداك" أوردت أن نسبة الأشخاص الذين يستخدمون أموال الطوارئ للاستثمار وينتهي بهم المطاف إلى الخسارة تصل إلى 58%.
6. التداول بالهامش والرافعة المالية:
التداول بالهامش واستخدام الرافعة المالية، وهي استراتيجيات قد تبدو جذابة للمستثمرين الطامحين لتحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير. ومع ذلك، هذه الأساليب تحمل معها مخاطر عالية قد تؤدي إلى خسائر مدمرة.
عند استخدام التداول بالهامش أو الرافعة المالية، حتى التحركات السوقية الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة. على سبيل المثال، لو اشترى مستثمر أسهم بقيمة $100 باستخدام 80% من الهامش (أي دفع $20 من رأس ماله واقترض $80)، فإن انخفاض السهم بـ 20% (من $100 إلى $80) سيؤدي إلى فقدان كامل استثمار المستثمر الأصلي.
ما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن الوسطاء قد يطلبون "هامش الصيانة"، وهو مبلغ إضافي يجب على المستثمر دفعه إذا انخفضت قيمة الأسهم المقترضة. إذا لم يتمكن المستثمر من تلبية متطلبات الهامش، قد يقوم الوسيط ببيع الأسهم بخسارة، مما يؤدي إلى خسائر أكبر.
الدرس المستفاد هنا هو أن الرافعة المالية تكثف التقلبات وتزيد من الخسائر المحتملة. وبما أن السوق متقلب بطبيعته، فإن استخدام الرافعة المالية يمكن أن يكون له آثار مدمرة ويؤدي إلى خسائر كبيرة وصعبة التعافي منها.
لهذه الأسباب، يُنصح المستثمرون، خاصةً المبتدئين، بتجنب التداول بالهامش والرافعة المالية والتركيز بدلاً من ذلك على استراتيجيات استثمار طويلة الأجل وأكثر استقرارًا.
خاتمة
التعمق في التعليم والتدريب المالي، التنويع الاستثماري، واتباع استراتيجية استثمار مدروسة، كما أوصى دليل الاستثمار للمبتدئين، هي الركائز التي تمكن المستثمرين من تفادي الخسائر الكبيرة. من خلال البقاء على دراية بالمخاطر وتجنب الأخطاء الشائعة، يمكن للمستثمرين بناء محافظ استثمارية ناجحة تدر عوائد مجزية على المدى الطويل.
مقال جميل
وعندي سؤال هل هذه المؤشرات حلال