هل يعيد ترامب سيناريو "نيكسون شوك"؟
من سابقة نيكسون إلى معركة ترامب… التاريخ يعيد نفسه في قاعات القضاء
مع تصاعد الأزمة القانونية حول الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2025، يعود شبح تجربة "صدمة نيكسون" (Nixon shock) في السبعينيات إلى واجهة الأحداث. إذ يجد البيت الأبيض اليوم في سابقة الرئيس ريتشارد نيكسون ركيزة أساسية للدفاع عن مشروعية سياسات ترامب التجارية المثيرة للجدل، في لحظة قد تعيد رسم قواعد اللعبة في التجارة الدولية والدستور الأميركي.
السوابق القانونية: "نيكسون شوك" تعود إلى الواجهة
قبل أكثر من نصف قرن، فرض الرئيس نيكسون رسومًا بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية لمعالجة أزمة العجز في الميزانية، في خطوة وُصفت حينها بأنها "صدمة نيكسون".
واجهت تلك الرسوم اعتراضات قضائية شبيهة بالتحديات الحالية أمام إدارة ترامب، حيث ألغت محكمة التجارة الدولية أجزاء كبيرة من قرارات نيكسون. لكن الإدارة الأميركية لجأت للاستئناف، ونجحت في النهاية في تثبيت تلك الرسوم عبر محكمة الاستئناف، وهي النقطة التي يستشهد بها محامو ترامب اليوم في دفوعهم أمام القضاء.
النصوص القانونية والحجج الدستورية: بين IEEPA وTWEA
تستند إدارة ترامب إلى نفس الأُسس القانونية التي اعتمد عليها نيكسون، وتحديدًا الصلاحيات الرئاسية بموجب "قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية" (IEEPA)، وهو امتداد حديث لقانون "التعامل مع العدو" (TWEA) الذي استُخدم في السبعينيات.
أبرز التحديات التي تواجه المحكمة تتمثل في سؤال جوهري:
هل يمكن للرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية واسعة النطاق بحجة "حالة الطوارئ الاقتصادية" دون تفويض صريح ومحدد من الكونغرس؟
في قضية نيكسون، واجهت تلك الصلاحيات اعتراضات من مصنع ياباني (Yoshida)، لكن المحكمة أيدت في النهاية سلطة الرئيس في ظروف الطوارئ الاقتصادية.
جدل دستوري محتدم: صلاحيات الرئيس وحدود الكونغرس
يركز النقاش القانوني الحالي حول قاعدتين دستوريتين أساسيتين:
مبدأ "عدم التفويض" (Nondelegation Doctrine):
الذي يمنع الكونغرس من منح سلطاته التشريعية، خاصة المتعلقة بالضرائب والرسوم، للرئيس أو لأي جهة تنفيذية بشكل مطلق.مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine):
والذي طبقته المحكمة العليا مؤخرًا، ويشترط وجود تفويض واضح وصريح من الكونغرس لأي قرار تنفيذي له أهمية اقتصادية وسياسية واسعة.
يعتقد أساتذة القانون الدستوري أن هذه المبادئ قد تؤثر بشكل كبير على قرار المحكمة العليا أو محكمة الاستئناف، لكنها ليست كافية وحدها لإلغاء صلاحيات الرئيس بالكامل، خصوصًا مع وجود سابقة "نيكسون شوك".
قضايا "Yoshida" وFlorsheim: تعزيز الصلاحيات الرئاسية في أوقات الأزمات
استند فريق ترامب القانوني أيضًا إلى قرار قضية "Yoshida"، حيث دعمت المحكمة حق الرئيس في فرض رسوم استثنائية إذا وُجدت حالة طوارئ حقيقية تتناسب مع حجم الأزمة.
كما استشهدت الإدارة بقضية Florsheim Shoe Co. v. US، حيث أكدت المحكمة أن قرارات الرئيس في ما يتعلق بالرسوم "محصنة إلى حد كبير من المراجعة القضائية التفصيلية"، طالما كانت دوافع القرار مرتبطة بمبررات اقتصادية واضحة.

الخلاصة:
دخلت المواجهة حول رسوم ترامب مرحلة تاريخية وحاسمة. ففي حال أقنعت الإدارة المحكمة العليا بحق الرئيس في فرض الرسوم دون تفويض صريح من الكونغرس، فقد تشهد التجارة الدولية تغيرات جذرية وتُرسَّخ سلطة تنفيذية شبه مطلقة في الشؤون الاقتصادية. أما إذا قضت المحكمة بعدم دستورية هذه الصلاحيات المطلقة، فسيكون ذلك انتصارًا كبيرًا لمبدأ الفصل بين السلطات وسيعيد رسم حدود العلاقة بين الرئاسة والكونغرس.
القرار المرتقب لن يحدد فقط مصير الرسوم الجمركية، بل سيترك أثرًا عميقًا على الاقتصاد الأميركي، العلاقات التجارية العالمية، وتوازنات السلطة الدستورية في الولايات المتحدة لعقود قادمة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet