بين الرسوم والصدمات… كيف يراهن المستثمرون على تجاوز الأسواق لعاصفة ترمب الجمركية؟
في الوقت الذي يقترب فيه موعد انتهاء المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشركاء التجارة حول العالم بشأن الرسوم الجمركية، يبدو أن المستثمرين العالميين باتوا أكثر تبلّدًا وأقل قلقًا من أي وقت مضى. فبعد ثلاثة أشهر من التقلبات منذ إعلان "يوم التحرير" في 2 أبريل، تراجعت المخاوف الحادة وحل محلها نوع من التعايش مع الأخبار التجارية، وسط اعتقاد واسع أن السيناريوهات السلبية لم تعد مطروحة بقوة، وأن الأسواق باتت أكثر قدرة على امتصاص الصدمات حتى مع توقعات فرض رسوم تصل إلى 70%.
تفاصيل الرسوم الجديدة: بعد الزلزال... ارتدادات متوقعة
مع اقتراب انتهاء مهلة التسعين يومًا، يستعد البيت الأبيض لإرسال أول دفعة من الرسائل الرسمية إلى 12 دولة لتوضيح نسب الرسوم الجديدة، والتي من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس.
النسب المعلنة قد تصل حتى 70%، وهو ما يفوق نطاق الـ10%-50% المعلن في إبريل، في وقت لم تُوقَّع فيه اتفاقيات سوى مع بريطانيا وفيتنام، فيما فشلت مفاوضات الهند واليابان وتعثرت المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
رغم تصاعد المخاطر، تواصل الأسواق العالمية تسجيل قمم تاريخية، حيث ارتفع مؤشر الأسهم العالمية 11% منذ 2 أبريل، بعد أن كان قد خسر 14% في ثلاثة أيام فقط أعقبت الإعلان الأول للرسوم.
"إذا كان يوم التحرير هو الزلزال، فإن رسائل الرسوم ستكون مجرد ارتدادات"، كما يصف أحد مديري المحافظ، في إشارة إلى أن التأثير الأكبر قد أصبح خلفنا، وأن السيولة الهائلة في الأسواق قللت من حدة الصدمات.
الضرائب والفيدرالي: احتفالات في الأسهم وقلق في السندات
بالتوازي مع حالة الترقب لملف الرسوم، شهدت الأسواق الأميركية جدلًا واسعًا حول حزمة ترمب الضخمة للضرائب والإنفاق، والتي جرى توقيعها مؤخرًا لتجعل من تخفيضات 2017 أمرًا دائمًا.
الأسهم تحتفل: سجلت مؤشرات S&P 500 وناسداك قممًا جديدة مع نهاية الأسبوع، وحقق مؤشر STOXX 600 الأوروبي مكاسب 9% في ثلاثة أشهر.
الديون والتضخم: بالمقابل، أبدى مستثمرو السندات مخاوف من تجاوز الحزمة الضريبية لحاجز 3 تريليونات دولار إضافية من الديون، وهو ما انعكس على عوائد السندات الأميركية وتوقعات الفيدرالي.
الدولار يتراجع: فقد مؤشر الدولار 11% منذ بداية العام، و6.6% منذ 2 أبريل، وهو أسوأ أداء للنصف الأول من السنة منذ 1973، مع تراجع جاذبية العملة كملاذ آمن في ظل التخبط التجاري.
تسعير الأسواق للمخاطر: التفاؤل الحذر يسيطر
رغم التقلبات، يتجه المستثمرون لتسعير احتمال عودة الرسوم إلى مستويات 35%-40% أو حتى أعلى، لكن السيناريو المرجح بالنسبة لهم هو فرض مستوى موحد بحدود 10%.
يعلّق أحد كبار مسؤولي الاستثمار في بوسطن: "الأسواق باتت أكثر ارتياحًا تجاه أي أخبار عن الرسوم، وتعتقد أن أسوأ السيناريوهات لم يعد واردًا".
التركيز الآن يتحول نحو مستويات الفائدة الأميركية، حيث ينتظر المستثمرون انخفاضها في النصف الثاني من العام، ما لم تتسبب المخاوف من الديون بارتفاع عكسي.
الخلاصة
رسائل ترمب الجمركية القادمة باتت أشبه بارتدادات زلزال سبق أن استوعبته الأسواق بفضل وفرة السيولة وتكيف المستثمرين مع واقع جديد من الغموض التجاري والسياسي. ومع استمرار قفزات الأسهم الأميركية والعالمية، تبقى الأنظار متعلقة بسياسات الفيدرالي وتفاعلات الديون، في حين تزداد قناعة الجميع بأن السيناريوهات المرعبة أصبحت خلفنا.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet