ترمب: الاقتصاد الجيد هو اقتصادي... والسيئ يعود لبايدن
عندما تُصبح الأرقام رهينة السرد السياسي.. هل ينجح ترمب في تسويق نفسه كمنقذ اقتصادي؟
في مقابلة مثيرة للجدل على شبكة NBC، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلط الأوراق الاقتصادية، منسوبًا النجاحات الاقتصادية لنفسه، ومحملًا الرئيس الحالي جو بايدن مسؤولية كل ما هو سلبي.
ورغم هذه الرواية، تُظهر استطلاعات الرأي وبيانات التضخم وأسواق المال صورة أكثر تعقيدًا، تكشف عن هشاشة التعافي الاقتصادي وسط تصاعد الرسوم الجمركية وغموض السياسة النقدية.
استطلاعات التشاؤم تُخالف رواية ترمب
قال ترمب خلال حواره مع الصحفية كريستين ويلكر:
"الجزء الجيد من الاقتصاد هو اقتصاد ترمب، والسيئ هو اقتصاد بايدن... لأنه قام بعمل فظيع."
لكن استطلاعًا أجرته CNN/SSRS أظهر أن 66% من الأميركيين يشعرون بالتشاؤم أو الخوف تجاه الاقتصاد، و69% يعتقدون أن الركود "مرجّح على الأقل" خلال العام المقبل، منهم 32% يروْن أنه "مرجّح جدًا".
التضخم يضغط على المستهلكين... رغم تصريحات التطمين
ادعى ترمب أنه نجح في خفض التكاليف، إلا أن بيانات وزارة العمل تشير إلى العكس. فقد ارتفعت أسعار البقالة بنسبة 2.41% في مارس 2025 مقارنة بالعام السابق، وهي أعلى نسبة منذ أغسطس 2023.
ومع ذلك، قال ترمب:
"تمكنت من خفض التكاليف... وقد خفّضناها بشكل جيد، لكن هذا يأخذ بعض الوقت."
تقلبات السوق... ترمب يبرّر ويُهاجم
بعد تراجعات حادة في السوق منذ بدء ولايته، رفض ترمب تحمّل المسؤولية، مشيرًا إلى أن:
"لقد كنت هنا منذ أكثر من ثلاثة أشهر فقط. انظروا إلى السوق، ألم يسجّل ارتفاعات متتالية؟ الرسوم بدأت الآن فقط بالتأثير."
S&P 500 انخفض بنسبة 6% منذ 21 يناير، لكنه ارتد بنسبة 9.5% في 9 أبريل بعد تعليق الرسوم مؤقتًا.
وأضاف ترمب:
"أحيانًا نحتاج إلى تناول الدواء لإصلاح ما يجب إصلاحه."
تصعيد جمركي بلا ضمانات... وغياب خطة طويلة المدى
حتى الآن، لم يُقدّم ترمب أي خطة واضحة لتخفيف الآثار المحتملة للرسوم الجمركية، والتي تشمل:
فرض 145% رسوم على الواردات الصينية
إلغاء إعفاء الشحن السريع (de minimis)
فرض رسوم على السيارات المستوردة
تطبيق رسوم عامة بنسبة 10% خلال فترة "التهدئة" المؤقتة
ورغم بعض الإعفاءات المؤقتة لشركات السيارات، رفض ترمب تقديم أي دعم للشركات الصغيرة، قائلًا:
"لن يحتاجوها."
الركود: التهديد الأكبر الذي لا يمكن تجاهله
رغم تأكيد ترمب أن الاقتصاد "سيتعافى سريعًا"، إلا أن البنوك الكبرى لا تشاركه التفاؤل:
JPMorgan: احتمالية الركود 60%
Goldman Sachs: احتمالية الركود 45%
وعندما سُئل ترمب عمّا إذا كان الركود واردًا، أجاب:
"كل شيء وارد."
لكنه أضاف:
"نحن في فترة انتقالية... وسنصبح أغنى دولة في العالم."
ارتفاع الأسعار؟ "اشتروا أقل!"
في رد لافت على سؤال عن ارتفاع الأسعار، قال ترمب:
"لا أظن أن طفلة جميلة تحتاج إلى 30 دمية... يمكنها الاكتفاء بثلاث أو أربع."
العبارة التي أثارت استغراب البعض، عكست رؤيته لتغيير سلوك المستهلك بدل معالجة جذور التضخم.
الهجوم على باول يتجدد: "خاسر كبير"
لم يغفل ترمب في المقابلة عن مهاجمة رئيس الفيدرالي جيروم باول، قائلًا:
"إنهاء ولايته لا يمكن أن يأتي قريبًا بما فيه الكفاية."
ورغم تأكيده أنه لن يُقيله، ألمح إلى أنه:
"سأحصل على فرصة لتغييره قريبًا."
مع الإشارة إلى أن القانون لا يسمح بعزله دون مبرر قانوني، وهو ما يؤكده معظم الخبراء الدستوريين.
الخلاصة:
في مشهد اقتصادي مشحون بالرسوم الجمركية والتذبذب المالي، يواصل الرئيس ترمب تقديم رواية ذات بُعد سياسي، يُنسب فيها كل تحسن اقتصادي إليه، ويلقي باللوم في المشاكل على بايدن، وعلى رئيس الفيدرالي، وعلى سلوك المستهلكين أنفسهم.
لكن الأسواق، كما يُظهر الواقع، لا تتحرك بالشعارات، بل بالأرقام، والتضخم، والثقة. ويبقى السؤال: هل الدواء الذي يتحدث عنه ترمب سيشفي الاقتصاد فعلًا... أم سيزيد من مرارته؟
📬 تابع تحليلات مركب
اشترك الآن لتصلك أحدث تطورات الاقتصاد الأميركي وتحليلات الأسواق مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet